تساؤلات حول الحج

تساؤلات حول الحج

نعيش هذه الأيام في غمرة موسم الحج الذي تلفحنا نفحاته الربانية فتغرينا بزيارة مقام النبي صلى الله عليه وسلم، وتغمرنا نسماته الروحية فتزيدنا شوقا لمعانقة الديار المقدسة وملامسة ترابها وأسوارها، وفي هذا الصدد يطرح الكثيرون تساؤلات مشروعة حول بعض الأمور والقضايا والأحكام المرتبطة بهذه الفريضة الدينية العظيمة، ولهذا الغرض، قام موقع السبيل بإلقاء الضوء على هذه القضايا من خلال ملف شامل يتطرق لكل ما يتعلق بالحج من قواعد وأحكام، وتعزيزا لهذا الموضوع، ونزولا عند رغبة قرائنا الأعزاء، نقدم فيما يلي إجابات لعدد من التساؤلات المتعلقة بهذا المنسك العظيم والفريضة الجليلة.

ما هي المدة الزمنية التي يجب أن يستغرقها الحج؟

الحقيقة هي أنه لا توجد مدة زمنية مضبوطة وموحدة يمكن القياس عليها والقول بصفة قطعية هذه هي مدة الحج، فقد تحدث الله عز وجل عن الحج في القرآن الكريم فقال: [الحج أشهر معلومات...] ويرى المفسرون أن هذه الآية تبين الميقات الزماني للحج، وهو شهر شوال وشهر ذي القعدة وعشرة أيام من ذي الحجة، وهذه الفترة هي التي لا يَفسُد حج من أحرم فيها. كما ذكر الله تعالى الحج في آية أخرى فقال: [ واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى] والمراد بالأيام المعدودات - حسب أهل العلم - أيام التشريق الثلاثة وهي الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر من شهر ذي الحجة.

ما هي أقل مدة زمنية ممكنة للحج؟

الأصل في العبادة هو التفرغ والإطمئنان، والأصل في الحج أن يؤديه المسلم دون عجلة أو تسرع، لأن الخشوع في العبادة والاطمئنان فيها يساهمان في صحتها وقبولها بإذن الله. أما من كانت له أعذار صحية قاهرة، أو ظروف مهنية صعبة، أو رخصة شرعية موثوقة، فإن أهل العلم يعتقدون أن أقل مدة ممكنة لأداء فريضة الحج دون بطلانها هي أربعة أيام أولها يوم عرفة وهو اليوم التاسع من شهر ذي الحجة، ثم يوم النحر وهو العاشر من شهر ذي الحجة، ثم الحادي عشر والثاني عشر من نفس الشهر يرمي فيه الحاج جمرة العقبة بعد زوال الشمس ثم يؤدي طواف الوداع ويعود لبلده.

ما هي أطول مدة زمنية ممكنة للحج ؟

مثلما يمكن للحاج أن يؤخر الإحرام إلى اليوم الذي يسبق الوقوف بعرفة إذا أراد أن يؤدي الحج في أقل مدة زمنية ممكنة، يمكنه كذلك أن يؤدي الحج في أطول مدة زمنية ممكنة ابتداءً من اليوم الأول من شهر شوال حيث يمكنه الإحرام فيه ويكون حجه صحيحا، لأن شوال من أشهر الحج التي ذكرها الله تعالى بقوله [الحج أشهر معدودات]، كما يمكن للحاج أن يستمر في إحرامه إلى آخر مناسك الحج وهو طواف الإفاضة في اليوم الثاني عشر من شهر ذي الحجة لمن تعجل، وبعده بيوم أو يومين وربما أكثر لمن أراد التأخير، وبذلك يمكن أن تمتد أطول مدة للحج بين فاتح شوال وثاني عشر ذي الحجة، أي ما يقارب شهرين ونصف.

ما هو الترتيب الزمني لمناسك الحج ؟

أول ما تبتدئ به مناسك الحج هو الخروج من البيت بنية الحج، بعدها يكون الإحرام من الميقات، ثم دخول مكة على طهارة، يليها دخول الحرم والطواف حول الكعبة، ثم السعي بين الصفا والمروة، يليها التوجه إلى منى بعد طواف القدوم في اليوم الثامن من ذي الحجة، بعدها يتم التوجه إلى عرفات في التاسع من ذي الحجة ويُجمع بين صلاتي الظهر والعصر بها، ثم يتم التوجه إلى المزدلفة ليلة العاشر من ذي الحجة وتُجمع صلاتا المغرب والعشاء بها ويتم المبيت بها، بعدها يتم الذهاب إلى منى في العاشر من ذي الحجة وتُرمى جمرة العقبة، ثم يتم نحر الأضاحي وحلق الرأس، بعدها يتم الذهاب إلى مكة لطواف الزيارة في العاشر من ذي الحجة بعد حلق الرأس والعودة إلى منى، كما يتم السعي بين الصفا والمروة لمن فاته السعي في الثامن من ذي الحجة، يليها القيام بمنى في الحادي عشر والثاني عشر من ذي الحجة وترمى الجمرات الثلاث بالترتيب، وبذلك يكتمل الحج وتتم العودة إلى مكة للطواف حول الكعبة والارتواء من ماء زمزم.

هل يجوز حج المرأة بدون محرم؟

للعلماء في هذه المسألة قولان، أولهما يرى أنها آثمة وحجها صحيح، وثانيها يرى أنها آثمة وحجها فاسد بحجة أن النهي عن الشيء يقتضي فساد المنهي عنه. والراجح في هذا الأمر حسب جمهور العلماء أن حجها صحيح وإن لم يكن معها مَحرَم، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من صلى صلاتنا هذه ووقف موقفنا هذا وكان قد أتى عرفات أي ساعة من ليل أو نهار فقد تم حجه وقضى تفثه)، ويعتقد الكثير من العلماء أنه بهذا الحديث النبوي الشريف جعل النبي الكريم إتيان أركان الحج وشروطه دليلا على صحة هذه العبادة دون النظر إلى جنس الحاج ذكرا كان أو أنثى بمَحرَم أو بدون محرم. ومن العلماء من يشترط في غياب المحرَم أن تكون المرأة الحاجة رفقة نسوة ثقات، لأن الرفقة تقطع الأطماع فيهن.

ما هي أيّام التّشريق؟

يُقصد بأيام التشريق الأيام الثلاثة التي تلي عيد الأضحى وهي الحادي عشر، والثّاني عشر، والثّالث عشر من ذي شهر الحجّة، ولهذا الأيام أسماء خاصة بها حيث يسمى أولها (يوم القَر) لأنّ الحجّاج يقرّون ويبيتون فيه بمنى. ويسمى الثاني (يوم النّفر الأوّل) لجواز النّفر فيه لمن تعجّل بعد رمي جمرات العقبة الأولى والثّانية. ويسمى الثالث (يوم النّفر الثاني) لأنه يأتي بعد رمي الجمرات في اليوم الثّالث من أيّام التّشريق. وقد سميت هذه الأيام بالتشريق لأنّ الحجّاج كانوا يشرّقون فيها لحوم الأضاحي والهدي؛ أي ينشرونها ويقدّدونها ويُعَرِّضُونها للشّمس منذ شروقها.

مشاركة هذا المقال:

تعليقات