الحقوق والواجبات التي يكفلها الإسلام للمرأة المتزوجة
للمرأة في الإسلام مكانة رفيعة ودرجة عالية من الاهتمام والعناية والحرص، مهما اختلفت أدوارها الشخصية والاجتماعية والاقتصادية، أُمًّا كانت أو أختا أو زوجةً أو غير ذلك. وفي هذا الصدد متَّع الإسلام المرأة المتزوجة بعدد من الحقوق وألزمها بمثلها من الواجبات، دعما لها من جهة حتى لا تُهضم حقوقها أو تُساء معاملتها، ومساهَمةً من جهة أخرى في تبثيت أركان الأسرة بمختلف مكوناتها بما يتماشى مع المصالح الشخصية للأفراد ومصالح المجتمع بصفة عامة. وقد أوصى النبي الكريم بحسن معاملة النساء بصفة عامة فقال: (استوصوا بالنساء خيرا)، كما حذر من تضييع حقوق الزوجة والأبناء، فقال صلى الله عليه وسلم:( كفى بالمرء إثما أن يُضَيِّعَ من يَقُوتُ).
وتنقسم حقوق الزوجة في الإسلام إلى حقوق مادية وأخرى معنوية، فأما الحقوق المادية فتتمثل في المَهر الذي تستحقه الزوجة على زوجها عند العقد عليها أو الدخول بها مصداقا لقوله تعالى: {وآتوا النساء صدقاتهن نِحلة}، والمهر ليس شرطا عند أهل العلم لصحة الزواج لكنه تعبير رمزي عن تقدير الزوجة وإكرامها. ومن حقوق الزوجة على زوجها كذلك حق النفقة، فقد اتفق جمهور الفقهاء على وجوب نفقة الزوج على زوجته بإطعامها وكسوتها وتوفير كل احتياجاتها في حدود المستطاع، فهي في عُهدته بمقتضى عقد الزواج، وهو المتكفل بها والمعيل لها وللأبناء إن وجدوا. ومن تكريم الإسلام للزوجة أن ما تكسبه من عرق جبينها حق خالص لها لا يحق للزوج صرفه أو إنفاقه إلا إذا تبرعت به عن طيب خاطر. ومن الحقوق المادية للزوجة على زوجها كذلك حق السكن على قدر سعة الزوج وطاقته مصداقا لقوله تعالى: { أسكنوهن من حيث سكنتم مِنْ وُجْدِكُمْ...}.
أما الحقوق المعنوية للزوجة على زوجها فتتمثل في حسن معاشرتها ومعاملتها بالحسنى مصداقا لقوله تعالى: {وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فَعَسَى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا}. ومن حقوق الزوجة على زوجها عدم الإضرار بها وأذيتها بأي شكل من الأشكال لأن ذلك مخالف للشرع الحنيف. وتنضاف لهذه الحقوق حقوق أخرى نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر؛ حرص الزوج على عِرضها وشرفها، وعدم تجريحها أو إهانتها، وغض الطرف عن أخطائها ما لم يكن فيها إخلال بشرع الله، ومجالستُها والاستماع إلى حديثها، والسماح لها بالخروج لزيارة الأقارب وشهود الجماعة، والتزين لها كما تتزين هي لزوجها مصداقا لقوله تعالى: {ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف}، وحسن الظن بها، والعدل بينها وبين ضراتها إن وُجِدن، وذلك بالمساواة بينهن في المبيت والنفقة والكسوة وغير ذلك كثير.
وفي مقابل هذه الحقوق فرض الإسلام على الزوجة بعض الواجبات تجاه زوجها، ومن ذلك طاعته في غير معصية الله تعالى، وعدم التصرف في ما يخص الأسرة دون إذنه ومَشُورته، وتمكينه من حق الفراش وعدم حرمانه من ذلك، حتى لا يفكر الزوج في تفريغ شهواته وغرائزه الفطرية خارج البيت. ومن واجبات الزوجة كذلك عدم الخروج من بيتها إلا بإذن زوجها، وحسن تربية الأبناء والعناية بهم أثناء غيابه، والمحافظة على ماله وعدم إهداره فيما لا يفيد، وحفظ أسرار زوجها وعدم إفشائها للناس، والمحافظة على علاقة زوجها بأهله، واحترامه في حضوره وغيابه وغير ذلك كثير. وبهذه الحقوق والواجبات يتحقق التوازن بين الزوجين، فيعرف كل طرف ما له وما عليه، وبذلك يحدث التفاهم والتساكن وتسود المودة والرحمة مصداقا لقوله تعالى: { ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون}.