صلة الرحم في الإسلام، جوهر الخلق
تعتبر صلة الرحم من الأمور التي نص عليها الدين الإسلامي وحث على ضرورة الحرص على تطبيقها، ويقصد بها الوصل وعدم قطيعة الأقارب والمعارف، لأن القطيعة موجبة للعنة الله، لقوله تعالى في كتابه الكريم " فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرضِ وتقَطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم" محمد : 22 – 23.
في هذا الإطار، اختلف العلماء في تفسيرهم لمن تجب فيهم صلة الرحم، لكن عموما تم تقسيم الرحم إلى ثلاثة أنواع، أولا رحم عامة: وهم من تربطك بهم علاقة الدين، بحيث تعتبر زيارة المسلم لأخيه المسلم من الأعمال المستحبة عند الله لأنها تؤلف بين القلوب. ثانيا رحم خاصة : وهم من تربطك بهم قرابة سواء من الأب أو الأم لقوله تعالى " واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام " النساء:1. وأخيرا نجد النوع الثالث وهو رحم القريب غير المسلم : وذلك من باب البر إليه، باعتبار أن الإسلام دين تسامح مع جميع الديانات لقوله تعالى "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إِن اللَه يحب المقْسطِين" الممتحنة: 8.
هذا وتعتبر صلة الرحم صفة من صفات المؤمنين، لقول رسوله الكريم "من كان يؤمن بالله واليوم الآخرِ فليصل رحمه"، كما أن من شروط صحتها وصل من قطعك لا من يصلك دائما لقول الرسول الكريم "ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمهُ وصلها". إلى جانب إخلاص نية القيام بها لله تعالى وابتغاء مرضاته، والعمل على التحلي بالخلق الحسن والكلم الطيب أثناء الزيارة.
ومن المعلوم أن الله ما أمرنا بشيء إلا كان فيه خير لنا، فصلة الرحم مثلها مثل باقي مبادئ الإسلام لها مجموعة من الفضائل والثمار التي يجنيها المسلم سواء في الدنيا أو الآخرة، أبرزهما بسط الرزق وطول العمر لقول الرسول "من سره أن يبسط له في رزقه وأن ينسأ له في أثره فليصل رحمه".
إلى جانب ذلك، فصلة الرحم هي صلة مع الرحمان، لقول الرسول الكريم "قال الله عز وجل: أنا الله وأنا الرحمن خلقت الرحم وشققت لها اسماً من اسمي فمن وصلها وصلته ومن قطعها قطعته"، كما أنها من الأعمال المحببة إلى الله ،فعن رجل من خثعم قال "أتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو في نفر من أصحابه فقلت أنت الذي تزعم أنك رسول الله قال: نعم، قال قلت يا رسول الله أي الأعمال أحب إلى الله قال: الإيمان بالله، قال قلت يا رسول الله ثم ماذا قال ثم صلة الرحم، قال قلت يا رسول الله ثم ماذا قال ثم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر".
هذا وتعتبر صلة الرحم من أسباب دخول الجنة، لقوله صلى الله عليه وسلم "يا أيها الناس أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام".