افطار الحامل والمرضع في رمضان: هل يجب القضاء أم الكفارة؟
اختلف العلماء في حكم الحامل والمرضع إذا أفطرتا في رمضان هل يجب عليهما القضاء أم الكفارة أم الاثنين معا. وقد توزعت أحكامهم في هذا الموضوع على ثلاثة أقوال، الأول منها يرى أن عليهما القضاء فقط، وهو مذهب الحنفية وبه قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه. والثاني يرى أنهما إن خافتا على نفسيهما فعليهما القضاء فقط، وإن خافتا على ولديهما فعليهما القضاء وإطعام مسكين عن كل يوم أفطرتاه، وهذا مذهب الشافعي وأحمد. والثالث يرى أن عليهما الإطعام فقط، وليس عليهما القضاء، وبه قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، وابن قدامة. وإليكم فيما يلي فتاوى أهل العلم في هذه المسألة بالتفصيل.
يرى فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله أن الحامل والمرضع إذا أفطرتا في رمضان وجب عليهما القضاء فقط، مستندا في ذلك على قوله تعالى في سورة البقرة: (ومن كان مريضا أو على سفر فَعِدَّةٌ من أيام أُخَرَ)، ويرى فضيلته أن الحامل والمرضع ليستا في حكم الشيخ الكبير العاجز، بل هما في حكم المريض، فتقضيان إذا استطاعتا ذلك، فإذا تأخرتا في القضاء لعذر شرعي فلا إطعام عليهما بل قضاءٌ فقط، أما إذا تساهلتا وتكاسلتا رغم قدرتهما على القضاء، فعليها القضاء والإطعام معا.
وانسجاما مع هذا الرأي، ورد في فتاوى اللجنة الدائمة السعودية عدد (10/220) ما مفاده أن الحامل أو المرضع إذا خافت على نفسها أو جنينها أو طفلها من صوم رمضان وأفطرت وجب عليها القضاء فقط، شأنها في ذلك شأن المريض الذي لا يقوى على الصوم أو يخشى منه على نفسه مضرة. وفي ذات السياق ترى اللجنة الدائمة للإفتاء أن الصوم واجب على الحامل حال حملها إلا إذا خشيت من الصوم على نفسها أو جنينها فيرخص لها أن تفطر وتقضي بعد أن تضع حملها وتطهر من النفاس. ولا تجزئها الكفارة عن الصيام، بل لا بد من القضاء ويكفيها عن الكفارة.
وعلى النقيض من هذا الرأي، يرى فضيلة الإمام الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله في الشريط (25) من سلسلة فتاوى جدة، أن الحامل أو المرضع إذا أفطرت في رمضان لا يجب عليها القضاء وإنما يجب عليها الكفارة عن كل يوم مسكيناً، ويعتقد فضيلته ان الاعتماد على مسألة خوف الحامل والمرضع على نفسيهما أو ولديهما كشرط للقضاء دون الكفارة مجرد اجتهاد من العلماء. ويستشهد فضيلته على هذا الحكم بقول النبي الكريم: (إن الله - تبارك وتعالى- قد وضع الصيام عن الحامل والمرضع) وقول ابن عباس في تفسير قوله تعالى: [...وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين]، "أن الحامل والمرضع عليها الإطعام فقط".
والراجح من أقوال أهل العلم أن الحامل أو المرضع إذا أفطرت في رمضان للحاجة أو للخوف على نفسها أو جنينها أو عليهما معا فان عليها القضاء دون الكفارة. وفي هذا الصدد يرى فضيلة الشيخ العثيمين رحمه الله أن للحامل والمرضع أن تقضي يوما بعد يوم أو من كل أسبوع يومين أو أكثر حسب قدرتها واستطاعتها لكنها لا تؤخر القضاء الى رمضان التالي. وعن الكفارة يرى الحنابلة أن مقدارها مُدٌّ من بر ونصف صاع من غيره، ويرى الشافعية أن قدرها مدٌّ مطلقا، يُدفع إلى مسكين عن كل يومٍ تفطره الحامل والمرضع إذا كان الفطر لأجل الخوف على الجنين أو الطفل.
والله تعالى أعلم.