بِدع رمضان
رغم قوله تعالى في سورة المائدة [اليوم أكملت لكم دينكم وأتممتُ عليكم نعمتي ورضيتُ لكم الإسلام دينا]، من الناس من يضيف إلى الدين شيئا ومنهم من ينقص منه شيئا، وهو ما يدخل في خانة البدع والمحدثات التي نهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم وتوعَّد أصحابها بالعقاب الشديد. وفي هذا الصدد، يلاحَظ أن رمضان الكريم الذي هو شهر الرحمة والمغفرة والعبادات المتنوعة يحفل بطقوس وعادات لا تمتّ بصلة إلى ما شرعه الله تعالى وسنَّه نبيّه الكريم، وهي بدع وممارسات ظهرت بعد الرسول الكريم، فأُلحقت بدين الله تعالى لتظهر وكأنها من الدين والدين منها براء.
الانشغال عن الإفطار بالأدعية المحدَثة
من البدع الرمضانية الغريبة ما أحدثه بعض الناس بترديد أدعية إفطارٍ لم تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، حيث ينشغلون بها عن الإفطار إلى ما بعد أذان المغرب بكثير. والصحيح أن يعجل المسلم بالإفطار مكتفيا بالأدعية التي ثبتت عن النبي الكريم كالدعاء الذي رواه أبو داود، والحاكم عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أفطر قال: (ذهب الظّمأ، وابتلت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله.) فتعجيل الإفطار أولى من الانشغال بأدعية لا دليل على صحتها.
إيقاظ الناس بالطبول والمزامير للسحور
يرى أهل العلم أن إيقاظ الناس للسحور في رمضان وتنبيههم لأجل ذلك بقراءة الآيات والأذكار، أو باستعمال آلات النفخ، أو بالطبلة والغناء، أو بالبوق والنفير، أو بالمنادة مِن المآذن بمكبرات الصوت، أو بالطرق على أبواب البيوت وغيرها، بدع محدثة بعضها أقبح من بعض. ويستدلون على هذا الحكم بما ورد عن ابن الحاج المالكي رحمه الله قال: "اعلم أن التسحير لا أصل له في الشرع الشريف؛ ولأجل ذلك اختلفت فيه عوائد أهل الأقاليم، فلو كان من الشرع ما اختلفت فيه عوائدهم".
الإمساك قبل الفجر رغبةً في الثواب
ومن بدع رمضان كذلك، إمساك بعض الناس عن شهوتي البطن والفرج قبل الفجر بكثير رغبةً منهم في إطالة وقت الصيام للحصول على ثواب أكبر، وخشية أن يدركهم الفجر وهم يتسحرون، وهذا فعل لم يثبت عن النبي صلى الله عليه والسلم والصحابة من بعده، بل فيه مخالفة لحديث النبي الكريم الذي قال: (ثلاثٌ من أخلاق النبوة؛ تعجيل الإفطار، وتأخير السحور، ووضع اليمين على الشمال في الصلاة). وفيه أيضا تحميل للنفس فوق طاقتها ومخالفة لرخصة النبي الكريم الذي قال: (إذا سمع أحدكم النداء والإناء في يده فلا يضعه حتى يقضي حاجته).
استئجار القراء في رمضان
من البدع الغريبة التي يأتيها بعض الناس في رمضان، قيامهم باستئجار القراء لقراءة القرآن الكريم في ليالي رمضان مقابل أجرة يدفعونها لهم، ويرى أهل العلم أن هذا الفعل من البدع التي أحدثها الناس من بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أصل لها في الدين والشرع. ويستدلون على ذلك بقول النبي الكريم في الحديث الشريف: (اقرأوا القرآن واعملوا به ولا تجفوا عنه ولا تغلوا فيه، ولا تأكلوا به ولا تستكثروا به).
بدع رمضانية أخرى
ومن بدع رمضان كذلك الجلوس للذكر بعد كل ركعتين من صلاة التراويح، وتطويل الأئمة في الدعاء بطريقة مملة بعد كل صلاة، وأداء صلاة الجمعة اليتيمة وهي آخر جمعة في رمضان يصليها أهل كل بلد في مكان مخصوص، كأهل مصر يصلونها في جامع عمرو، وأهل فلسطين يصلونها في المسجد الإبراهيمي أو المسجد الأقصى. ومن بدع رمضان كذلك إقامة الموالد أو ما يعرف بالحضرات وما يصاحب ذلك من خرافات وشركيات لا أصل لها في الدين الحنيف. ومن بدع رمضان أيضا صيام النساء وهنَّ حيض في نهار رمضان، وقيامهن قبيل الغروب بجرح صيامهنّ -كما يقلن- على لقمة أو جرعة ماء.