مصافحة المرأة من غير المحارم، هل تنقض الوضوء؟
من الأسئلة الشائعة التي يطرحها الكثير من الناس هذه الأيام، إشكالية مصافحة الرجل للمرأة من غير محارمه وما إذا كان ذلك سببا لنقض الوضوء من عدمه. ولتوضيح المسألة، نقدم لكم ثلة من آراء وفتاوى أهل العلم والمعرفة في هذا الموضوع.
ولعل أفضل ما نبدأ به، هو الإشارة إلى أن مسألة مصافحة الرجل للمرأة من غير المحارم وعلاقة ذلك بنقض الوضوء من عدمه، فيها خلاف بين أهل العلم. فالشافعية على سبيل المثال يرون أن مصافحة الأجنبية تنقض الوضوء مطلقا. والحنفية يرون أن مصافحتها لا تنقض الوضوء مطلقا. ومنهم من اعتدل بين الموقفين كالإمام أحمد الذي يرى أن الوضوء ينقض إذا كانت المصافحة بشهوة، ولا ينقض إذا كانت المصافحة بريئة.
وقد طُرح سؤال في الموضوع على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله فلم يجب بما يفيد نقض الوضوء بمصافحة الرجل للمرأة الأجنبية، بل أشار في "فتاوى نور على الدرب" المنشورة على موقعه الالكتروني، إلى أن الموضوع فيه خلاف بين أهل العلم بين من يرى أن مصافحة المرأة تنقض الوضوء سواء كانت بشهوة أو بغير شهوة، وبين من يرى أنها لا تنقض الوضوء سواء كانت لشهوة أم لغير شهوة، وبين من يُفصِّل فيقول إن مسها لشهوة انتقض وضوءه، وإن لم يمسسها لشهوة لم ينتقض وضوءه. ولكن الصواب - حسب فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله - أن الوضوء لا ينتقض مطلقا ما لم يخرج منه خارج كالمذي مثلا.
وفي نفس الاتجاه يرى فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز في الفتاوى المنشورة على موقعه الالكتروني أن نقض الوضوء بمصافحة المرأة من غير المحارم فيه خلاف بين أهل العلم، مرجحا عدم نقض الوضوء بغض النظر عما إذا كانت المصافحة بشهوة أو بدونها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قبَّل بعض نسائه ولم يتوضأ؛ ولأن هذا -يقول فضيلته- مما تعم به البلوى فلو كان ناقضا لبينه النبي صلى الله عليه وسلم. وعن قوله سبحانه وتعالى في سورة النساء: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ}، يرى فضيلته أن المراد بهذه الآية هو الجماع وليس المصافحة، مستنتجا أن لمس المرأة أو مصافحتها لا ينقض الوضوء مطلقًا، سواءً كانت أجنبية أم زوجة أم مَحْرمًا؛ لأن الأصل - حسب فضيلته - هو استصحاب الوضوء حتى يثبت من الشرع ما يدل على نقضه.
وعلى النقيض من هذه الآراء، يرى فضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان أن مصافحة الرجل للمرأة من غير محارمه تنقض الوضوء إذا كانت هذه المصافحة بشهوة، مستشهدا بقوله سبحانه وتعالى في سورة النساء: {أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاءَ}، حيث اعتبر فضيلته أن الملامسة في الآية دالة على اللمس وليس الجماع كما يرى غيره من العلماء، واللمس - حسب رأيه - قد يؤدي إلى خروج ما ينقض الوضوء. أما إذا كانت المصافحة بغير شهوة يستطرد فضيلته، فإنها لا تنقض الوضوء. نفس الرأي أفتى به فضيلة الشيخ اسماعيل نور الدين وهو من علماء الأزهر حيث أجاب عن سؤال في الموضوع نشر (بجريدة المساء المصرية) بما مفاده أن المصافحة إن كانت عادية عابرة فهي ليست ناقضة للوضوء، وإن كانت بشهوة فهي ناقضة للوضوء.
وبناء على ما سبق، يتضح أن المسألة خلافية بين العلماء والراجح فيها هو عدم نقض وضوء الرجل بمصافحة المرأة والله أعلى وأعلم.