حدث في مثل هذا الشهر: جمادى الأولى
يُعتبر جمادى الأولى خامسَ شهر في التقويم الهجري عند المسلمين، ويعود أصل تسميته بهذا الاسم حسب المصادر اللغوية والتاريخية المتوفرة، نسبةً لتجمد المياه فيه بسبب البرد الشديد الذي يتميز به مقارنة مع غيره من شهور السنة. ويحمل هذا الشهر مكانة خاصة في قلوب ووجدان المسلمين لوقوع عدد من الأحداث التاريخية العظيمة فيه، بعضها غزوات وفتوحات مجيدة، والبعض الآخر ذكرى لميلاد أو وفاة وجوه وأعلام بارزة ساهمت بطريقة أو بأخرى في تقدم الأمة الإسلامية وازدهارها على مر العصور. ونستعرض فيما يلي ومضات سريعة عن هذه الأحداث والوقائع التاريخية العظيمة.
معركة أجنادين بين المسلمين والروم
في السابع والعشرين من شهر جمادى الأولى سنة 13 للهجرة/634م، انتصر المسلمون في معركة أجنادين بقيادة خالد بن الوليد على جيوش الروم البيزنطيين. وفي هذه المعركة تحديدا، قدم المسلمون تضحيات جِسام، وأبانوا عن شجاعة وإقدام قَلَّ نظيرهما، حيث تجاوز عدد قتلى الروم في هذه المعركة الآلاف، فيما استشهد من المسلمين 450 شخصا فقط. وقد شكلت معركة أجنادين أول احتكاك ضخم بين جيوش المسلمين ونظرائهم من الروم البيزنطيين، وساهم هذا النصر في توسع النفوذ الإسلامي بمنطقة الشام.
استرداد مدينة يافا من الصليبيين
في الثاني من شهر جمادى الأولى سنة 666 للهجرة/1268م، تمكن المسلمون بقيادة الظاهر بيبرس من إحكام السيطرة على مدينة "يافا" واسترجاعها من أيدي الصليبيين الغاشمين. وقد تحقق هذا الفتح بعد قتال عنيف استمر لأزيد من اثنتي عشرة ساعة، وكانت الغلبة فيه للمسلمين الباسلين. ونتيجة لهذا الإنتصار وغيره، ضعفت شوكة الصليبيين في الشام وانطفأت معنوياتهم، فسارع البعض منهم إلى طلب ود القائد بيبرس ورضاه مقابل تنازلهم عن نصف غلات المناطق التي كانت تحت سيطرتهم.
فتح القسطنطينية
في العشرين من شهر جمادى الأولى سنة 857 للهجرة/1453م، فتح العثمانيون بقيادة "محمد الفاتح" مدينة القسطنطينية بعد فشل المحاولات المتعددة لفتحها طيلة سنوات منذ عهد "معاوية بن أبي سفيان". فقبل فتحها من طرف العثمانيين، كانت القسطنطينية عاصمة الدولة البيزنطية وظلت على تلك الحال طيلة ألف ومائة وخمسة وعشرين سنة. لكن شجاعة العثمانيين الباسلين مكنت من إسقاط قلاع وحصون هذه المدينة المتمنعة، وكان لسقوطها هذا وقع كبير في أوروبا والعالم بأسره.
ولادة النعمان بن بشير
في شهر جمادى الأولى سنة 2 للهجرة، ولد النعمان بن بشير بن سعد بن ثعلبة بن جلاس بن زيد الأنصارى الخزرجى المُكَنَّى بعبد الله. وتصفه الروايات التاريخية بكونه أول مولود في الإسلام من جهة الأنصار، حيث رأى النور في المدينة المنورة بعد الهجرة بأربعة عشر شهرا فقط. ومما يُروى عنه، أن أمه ذهبت به مباشرة بعد ولادته إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فبشرها بأنه سيعيش حميدا وسيقتل شهيدا وسيدخل الجنة. وقد كانت له مواقف إنسانية راقية مع الصحابة والتابعين من بعدهم، ومن أشهر ما تميز به روايته لعدد من الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وفاة أبي حنيفة النعمان
وفي شهرِ جمادى الأولى سنة 150 للهجرة/767م، انتقل إلى رحمة الله الإمام المجتهد والفقيه العالم أبو حنيفة النعمان بن ثابت الكوفي، أول الأئمةِ الأربعةِ لدى أهل السنة والجماعة ومؤسس المذهب الحنفي. وقد اشتهِر بعلمه الواسع، وأخلاقه الراقية، وكثرة العبادة. ومما يُروى عنه أنه صلى صلاة الفجر بوضوء العشاءِ طيلة 40 سنة، وأنه كانَ يقضي ليله في قراءة القرآن الكريم كاملا في ركعة واحدة، ويقال أنه قام بختم القرآنَ الكريم 7000 مرة قبل وفاته. ومن مميزاته أنه كان يعتمد في فقهه على تنوع المصادر وتكاملها كالقرآن الكريم، والسنة النبوية، والإجماع، والقياس وغيرها.
وفاة الإمام البيهقي
في العاشرِ من شهرِ جُمادى الأولى سنة 458 للهجرة، انتقل إلى جوار ربه، الفقيه الحافظ والإمام التقي أحمد بن الحسين البيهقي، الذي اشتهر بكونه عَلَما من أعلام المسلمين، وهرما من أهرام الفقهاء الأشاعرة والشافعية. خلال حياته، اشتغل رحمه الله في مجال تصنيف الكتب والمؤلفات لدرجة بلغت معها تصانيفه ألف جزء أو أكثر في شتى العلوم الشرعية كالفقه والحديث والعقيدة وغيرها. وقد عُرف بانتصاره لمذهب الإمام الشافعي ودفاعه عنه بشكل مستميت. وقد توفي رحمه الله في نيسابور ودُفن في قرية بَيْهق التي اشتُقَّ منها لقبه.