ختم القرآن في رمضان
من خصائص رمضان الكريم أنه شهر الصيام و القرآن، ومن خصائص هذين الأخيرين أنهما يجادلان عن العبد يوم القيامة ويشفعان له عند الله سبحانه وتعالى، فقد ورد في الحديث الصحيح أن الصيام يقول لرب العالمين أيْ رب منعتُ عبدك الطعام والشراب فشفِّعنى فيه، ويقول القرآن لخالق الناس أجمعين أيْ رب منعتُه النوم بالليل فشفِّعنى فيه، فيستجيب الله لهما فيشفعان. لذلك من الجميل أن يواظب المسلم على قراءة القرآن الكريم وتدبر آياته في كل شهور السنة، لكن الأجمل أن يختمه مرة واحدة على الأقل خلال شهر رمضان الذي تُضاعف فيه الحسنات.
وإذا كانت قراءة القرآن الكريم في الأيام العادية من الأسباب الموجبة لعظيمِ الأجر وكثيرِ الحسنات، فإن قراءته في شهر رمضان على الخصوص موجبة لأجر أعظم وثواب أكبر، فقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من قرأ حرفا من كتاب الله فلَهُ به حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول الم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف)، وإذا كان جزاء الحرف من القرآن حسنة وجزاء الحسنة عشرة فكيف يكون الجزاء في رمضان الذي يضاعف فيه الله الحسنات سبعين مرة. إننا بعملية حسابية بسيطة نكتشف أن أجر قراءة الحرف الواحد من القرآن في رمضان يعادل سبعمائة حسنة، ولنا أن نتخيل كم حرفا في القرآن كلِّه، وكم حسنة ينالها المسلم إذا وفقه الله لختمه مرة واحدة في رمضان.
وبالإضافة إلى هذا الفيض الغزير من الحسنات، تصلي الملائكة على خاتِم القرآن في رمضان نهارا حتى يُمسي، وليلا حتى يُصبح، لذلك وجب على كل مسلم ومسلمة أن يجتهد في قراءة القرآن الكريم خلال هذا الشهر أيَّما اجتهاد، وأن يخصص لهذا الغرض برنامجا يوميا يقرأ في كل مرة منه ما تيسر من كتاب الله بخشوع وتدبر، كلٌّ حسب استطاعته، فإن ختمه مرة فذلك خير، وإن وفقه الله لأكثر من ذلك فأنعِم به من خير وأكرم بها من بركة. وليتحرى المسلم في قراءة القرآن الكريم الأوقات التي تُرفع فيها الأعمال، والساعات التي يستجاب فيها الدعاء، ومن تلك الأوقات ساعة من ليل، ويوم الجمعة، والفترة التي تكون بين الصلوات المكتوبات، وخلال العشر الأواخر من رمضان وفي ليلة القدر.
ولتكن نية قراءة القرآن وختمه في رمضان خالصةً لله تعالى، وليكن المكان الذي يجلس فيه المسلم لقراءة القرآن طاهرا نقيا، ويُستحسن أن يتم ذلك في جو هادئ بعيد عن الضجيج والضوضاء، وأفضل مكان هو المسجد، ولا بأس بالبيت أو أي مكان آخر لا يتعارض مع مبادئ الشرع الحنيف، وليأخذ المسلم وقته في تلاوة القرآن وتدبر آياته بعيدا عن السرعة والتسرع والاستعجال، فالهدف الأول من تلاوة القرآن الكريم هو فهمه وتدبر آياته، وليس قراءته للتباهي أمام الناس والافتخار بعدد مرات ختمه.