هل يجوز تناول حبوب منع الحيض في رمضان؟
خلال شهر رمضان الكريم، تلجأ بعض النساء إلى تناول حبوب منع الحيض لأسباب متعددة من بينها رغبتهن في صيام شهر رمضان كاملا دون التوقف خلال فترة الحيض كما هي عادة النساء عموما. وفي هذا الصدد يُطرح السؤال عن حكم هذا الفعل، وعما إذا كان الإقدام على تناول حبوب منع الحيض بهدف الصيام جائزا شرعا أم لا. ونستعرض فيما يلي ثلة من آراء أهل العلم حول هذا الموضوع.
وقد ناقش أهل العلم هذا الموضوع فاتفقوا على عدم جوازه إذا كان فيه ضرر على المرأة وأفتوا بجوازه إذا ثبت خلوه من الضرر. أما إذا كان منع الحيض بأدوية أو حبوب لا يتحقق القطع والجزم بضررها على المرأة، ففي ذلك اختلاف بين العلماء، حيث يرى المالكية بعدم جواز ذلك لأن الله تعالى نهى عن إلقاء النفس إلى الهلاك، ولأن ذلك مخالف للفطرة والطبيعة التي خلق الله المرأة عليها. أما الشافعية والحنابلة فيرون بجواز استعمال دواء يمنع الحيض، مستشهدين على ذلك بما روي عن الإمام أحمد – رحمه الله – أنه قال: (لا بأس أن تشرب المرأة دواء يقطع عنها الحيض إذا كان دواء معروفاً)، ومستندين على أن الأصل في الأشياء الإباحة ما لم يثبت دليل التحريم، وفي غياب دليل يحرم رفع الحيض لأجل الصوم فالأصل هو الجواز وليس المنع.
وقد سُئلت اللجنة الدائمة للإفتاء في المملكة العربية السعودية عن حكم استعمال المرأة لدواء يمنع الحيض في رمضان كي تصوم وتصلي مع الناس فكان الجواب بما مفاده أنه يجوز أن تستعمل المرأة أدوية في رمضان لمنع الحيض إذا قرر أهل الخبرة الأمناء من الدكاترة ومن في حكمهم أن ذلك لا يضرها، ولا يؤثر على جهاز حملها، وأضافوا أنه خيرٌ للمرأة أن تكف عن ذلك، لأن الله تعالى جعل لها رخصة في الفطر إذا جاءها الحيض ورضي الله بذلك ديناً.
وعن نفس الموضوع يرى فضيلة الشيخ عبد العزيز ابن باز رحمه الله في موقعه الرسمي على شبكة الانترنيت، أن لا حرج على المرأة أن تأخذ الحبوب لمنع الحيض بهدف الصلاة مع الناس أو الصيام في رمضان شريطة أن يكون ذلك سليماً لا يضرها عن المشاورة للطبيب، وأن يتم ذلك بموافقة زوجها كي لا تضر نفسها ولا تعصي زوجها في نفس الوقت. فإذا جاء تناولها لهذه الحبوب عن تشاور وعن احتياط من جهة السلامة من الضرر فلا بأس بذلك، وهذا الأمر جائز في أيام الحج كذلك.
وفي نفس السياق، يرى فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في المجلد 11 من "مجموع الفتاوى والرسائل" أن لا بأس من استعمال المرأة لحبوب منع الحيض إذا لم يكن عليها ضرر من الناحية الصحية، شريطة أن يأذن الزوج بذلك، ويضيف فضيلته أن هذه الحبوب - حسب علمه - تضر المرأة. ومن المعلوم - حسب رأيه - أن الشيء الطبيعي (كخروج دم الحيض) إذا منع في وقته، فإنه لابد أن يحصل من منعه ضرر على الجسم، وكذلك أيضاً من المحذور في هذه الحبوب أنها تخلط على المرأة عادتها، فتختلف عليها، وحينئذ تبقى في قلق وشك من صلاتها ومن مباشرة زوجها وغير ذلك، لهذا - يستنتج فضيلته - أن استعمال هذه الحبوب ليس حراما ولكن يستحب للمرأة أن لا تستعملها خوفاً من الضرر عليها.
وتماشيا مع هذا الرأي، يرى فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد العزيز العقيل أن الذي نص الفقهاء على عدم جوازه، هو عكس هذه المسألة أي شرب المرأة الدواء لتسهيل حصول الحيض في رمضان لتفطره. وهذا الأمر لا يجوز؛ لأن في ذلك تحايل لإسقاط العبادة. أما تناول الحبوب لمنع الحيض- يضيف فضيلته - فالأصل جوازه، ولا أعلم فيه دليلا يمنع من ذلك، بشرط أن لا يترتب على ذلك ضرر. ويضيف فضيلته أن الفقهاء رحمهم الله صرحوا بجواز ما هو أبلغ من ذلك، وهو شرب الدواء المباح؛ لتقطع به الحيض كُليا مع أمن الضرر.
والله أعلم.