التمائم الشِّرْكية.. تعريفها، أحكامها، وسُبل محاربتها

تعريفها

يعود الأصل اللغوي لمفهوم التمائم إلى الفعل تَمَّ، يَتِمُّ، تَماماً بمعنى اكتملت صفاته واستوَتْ محاسنه، وهي بذلك وصف لذات تامة الخلق، مكتملة الشكل. ومن ذلك قول العرب هذا رجل تميم، وهذه امرأة تميمة. أما في الإصطلاح فقد عرَّفها أهل العلم على أنها عوذات وخرزات تُعلَّق على الإنسان خشية العين أو الحسد. والتمائم بصفة عامة هي كل ما يُعلَّق على جسم الإنسان أو الحيوان أو المنزل أو السيارة وغيرها، بهدف تتميم أمور الخير، أو دفع أمور الشر، وتتخذ أشكالا متعددة كالتعاويذ والطلاسيم المكتوبة على أوراق الشجر أو الجلود، وقد تكون عبارة عن حبال أو قلادات أو رؤوس حيوانات.

أغراضها

شاع استعمال التمائم بين أهل الجاهلية، فكانوا يعلقونها لطرد الأرواح الشريرة ولحماية أنفسهم وممتلكاتهم. وقد استمر استعمالها بعد الإسلام إلى يومنا هذا، حيث يستعملها الناس لجلب المصالح وصرف الأضرار. فمنهم من يُعلِّق على صدره القلادات المزينة بالطلاسيم والتعاويذ لجلب الحظ السعيد، ومنهم من يربط حبالا أو خيوطا معينة برأسه أو بطنه بغرض الاستشفاء، ومنهم من يعلق مسامير او صفائح معدنية على باب بيته أو محل تجارته لدفع العين وجلب الرزق، ومن أشكال التمائم في عصرنا الحالي، تعليق السائقين لقلادات ومجسمات بلاستيكية أو معدنية على واجهات السيارات وخلفياتها لدفع الحوادث وغيرها.

حُكم الشرع فيها

اتفق أهل العلم على تحريم التمائم إذا كانت من غير القرآن، واختلفوا إذا كانت من القرآن، فمنهم من أجاز استعمالها ومنهم من منعها، والقول بالنهي أرجح لعموم الأحاديث النبوية في هذا الصدد. ويرى العلماء أن في استعمال التمائم ولبسها لجوء إلى غير الله لجلب النفع أو دفع الضر، واعتبروا الإيمان بها والاعتقاد بقدراتها الخارقة جهلا وضلالا وشركا بالله سبحانه وتعالى ينافي عمل التوحيد الذي يعد من أهم الأسس التي يقوم عليها الإسلام. ويستند أهل العلم في هذا الحكم على الحديث الذي رواه أحمد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من علق تميمة فقد أشرك)، وعلى الحديث الذي رواه أحمد وأبو داوود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الرُّقى والتمائم والتِّولة شرك).

أسباب الإقبال عليها

تتلخص الأسباب الرئيسية للإقبال على التمائم الشركية في غياب الوعي الديني، وانتشار الجهل، وانعدام التوكل على الله سبحانه وتعالى، إضافة إلى قلة الصبر وانتشار الرغبة في تحقيق الأهداف والغايات في بأسرع وقت وبأقل مجهود. فمن الناس من يعلق التمائم ويقبل عليها لاعتقاده أنها من الدين، أو لجهله بحكم الدين فيها. ومنهم من يعلقها لاعتقاده بقدرتها على تحقيق المنافع ودفع الشرور أكثر من اعتقاده بقدرة الله تعالى على ذلك. ومنهم من يعلقها لضعف إيمانه وعدم توكله على الله تعالى في أمور دينه ودنياه، فيسارع إلى هذه التمائم ويلجأ إليها كلما أهمه أمر أو حزبته مشكلة، ومنهم من يلجأ إلى هذه التمائم لرغبته في تحقيق الكسب وتحصيل الرزق بسرعة البرق دون مجهود يُذكَر.

كيفية الابتعاد عنها

من أهم السبل المساعدة على محاربة ظاهرة التمائم الشركية وانتشارها بين الناس، الفهم الصحيح للعقيدة الإسلامية القائمة على توحيد الله سبحانه وتعالى والتوكل عليه واللجوء إليه وحده دون سواه في السراء كما الضراء. فتوحيد الله في ألوهيته وفي ربوبيته، يقتضي من المسلم الإيمان - من جهة - بوجود إله واحد هو الخالق والمدبر والحكيم، والابتعاد -من جهة أخرى - عن عبادة الوهم والتوكل على البشر والاعتقاد بالقدرات الخارقة للجمادات كالتمائم وما شابهها. ومما لا شك فيه أن الإنسان إذا فهم معنى التوحيد وتذوق حلاوته، سيكون قادرا على التحرر من سلطة التمائم الشركية والخرافات البالية، فلا يخشى إلا الله، ولا يلجأ إلا إلى الله، ولا يتوكل إلا على الله سبحانه وتعالى.