فضل حفظ القرآن الكريم
من الله على عباده المسلمين بكتاب محفوظ صالح لكل زمان ومكان، كتاب أفضاله كثيرة على كل من تدبر معانيه وحفظ آياته، إنه القرآن الكريم الذي يرفع به الله أقواما ويضع به آخرين، ويضمن لهم به سعادة الدارين، مصداقا لقول الرسول (ص): "يقال لصاحب القرآن اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلك عند آخر آية تقرؤها".
هذا ويعتبر القرآن الكريم أصل الشريعة وفيه تجتمع تعاليمها ومنه تتفرع علومها، غير أن فضائله وثماره خص بها الله فقط من يمتثل لهذه التعاليم ويفهم معانيه، لا من يقرأ آياته باللسان فقط والقلب في عداد الغافلين، في هذا السياق، يمكن إجمال فضائل حفظ القرآن الكريم في نقطتين أساسيتين، فضائله في الدنيا وفضائله في الآخرة.
فضائل حفظ القرآن الكريم في الدنيا :
يتميز العصر الحالي بتزايد سرعة وثيرة الحياة، سرعة قد لا تضاهيها قدرة الإنسان على التحمل، مما يجعله عرضة لمشاكل نفسية عديدة قد تصل حد الانتحار، في هذا الإطار يعتبر القرآن الكريم خير جليس وخير صاحب لتجاوز ضغوط الحياة وإدخال الطمأنينة على القلوب، مصداقا لقوله تعالى "ألا بذكر الله تطمئن القلوب" الرعد :28، فضلا عن شفاء تداعيات المشاكل النفسية على صحة الإنسان لقوله تعالى "و ننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين" الإسراء : 82.
إلى جانب ذلك، فللقرآن الكريم فضل كبير في الرقي بأخلاق المسلم، باعتبار أنه "مجمع الفضائل، ومبعث الإيمان والهدى والرشاد، ومنه تنفر الشياطين، الذين هم سبب كل ضلال وفساد يلحق المرء في أخلاقه وآدابه وتعامله، بل في أمر دينه ودنياه"، وخير مثال على ذلك الرسول الكريم الذي وُصف بأنه قرآن يمشي بسبب الأخلاق والصفات الكريمة التي كان يتحلى بها، كما أن القرآن يجعل من الإنسان يحظى برفعة وقيمة داخل المجتمع الإسلامي مصداقا لقوله (ص): "إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين".
فضائل حفظ القرآن الكريم في الآخرة :
كما أشرنا في بداية المقال، فإن القرآن الكريم يضمن لحافظه سعادة الدارين، بحيث يكون شفيعا له يوم القيامة، مصداقا لقوله (ص): "اقرأوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه"، كما أنه ينجي من عذاب النار مصداقا لحديث رسول الله "لو جعل القرآن في إهاب ثم ألقي في النار ما احترق"، والمقصود بالإهاب هنا كما فسره علماء الحديث بحافظ القرآن والمتدبر لمعانيه.
وفي نفس السياق، فإن حافظ القرآن يحظى بمكانة عظيمة يوم القيامة تكون عند آخر آية يحفظها، كما أنه يكون مرافقا للملائكة في منازله مصداقا لقول رسوله الكريم "الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة"، وذلك بفضل الحسنات التي يكون قد جناها بغير عسر عند تلاوة القرآن، كما جاء في حديث رسول الله "من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها" والله يضاعف لمن يشاء.