ترتيل القرآن الكريم

الترتيل لغة التنسيق والتنظيم والترتيب، واصطلاحا قراءة القرآن الكريم على مكث وتأنٍّ من غير مبالغة في العجلة ولا الإبطاء، مع الالتزام التام والكامل بقواعد وضوابط قراءته كما نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك بإخراج الحروف من مخارجها، وإعطاء كل حرف حقه، وعدم الخلط بينها، وقَصْرِ المقصور، ومدِّ الممدود، وترقيق المرقق، وتفخيم المفخم، وإظهار المظهر وإدغام المدغم، كل ذلك دون تكلُّف أو تصنع أو ابتذال. والترتيل مرتبة من مراتب تلاوة القرآن الكريم التي تدخل تحت مظلة التجويد وتشمل بالإضافة إلى الترتيل كلا من الحدر والتدوير.

ويرى بعض أهل العلم أن ترتيل القرآن الكريم هو أفضل مراتب التلاوة، لأن القرآن نزل على النبي الكريم مرتلا وعلى مُكثٍ مصداقا لقوله تعالى في سورة الإسراء: [وقُرآنا فرقناه لتَقرأه على الناس على مُكْثٍ]، وقوله تعالى في سورة المزمل: [ورتل القرآن ترتيلا]، والتي يرى بعض العلماء أنها تعني (اقرأ القرآن على هذا الترتيب من غير تقديم ولا تأخير). والقراءة بهذه الطريقة تيسر الفهم وتسهل الحفظ. والترتيل صفة لا تتحقق إلا بالمواظبة والمثابرة والاطلاع الجيد على أحكام التجويد المستنبطة من قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم والتي ثبتت عنه بالتواتر والأحاديث الصحيحة.

ولا يقتصر الترتيل على نطق الحروف ومخارج الألفاظ حسب القواعد والضوابط الصحيحة فقط، بل يتعداها ليشمل قراءة القرآن الكريم بشكل منسق ومنظم مع مراعاة ترتيب الآيات والسور القرآنية كما نزلت على النبي الكريم على مدى سنوات. وفي ذلك امتثال لأمر الله عز وجل، وتبجيل لكتابه العزيز، واتباع لسنة نبيه صلى الله عليه وسلم. وقد بلغ الترتيل من الأهمية ما جعل الله عز وجل ينسب التلاوة إليه ويربطها بطمأنة النفس وتثبيت الفؤاد مصداقا لقوله تعالى في سورة الفرقان: [كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا]، فالترتيل فعل إلهي وسنة نبوية، تستوجب منا اتباعها، والحرص على الإتيان بها وفق القواعد الصحيحة والضوابط السليمة.

وبناء على ما سبق، يتضح أن لقراءة القرآن الكريم صفة معينة، وكيفية ثابتة، تجب مراعاتها وتحقيقها، وهي صفة الترتيل التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ القرآن الكريم بها والتي نقلها لأصحابه والتابعين من بعده، وتواترت عنه إلى يومنا هذا. ولتقريبكم من هذه القراءة، يضع موقع السبيل رهن إشارتكم تشكيلة متنوعة من التسجيلات القرآنية المؤثرة مرتلة بأصوات خيرة القراء في العالمين العربي والإسلامي آملين أن تنال إعجابكم وتحوز رضاكم.