السحر‎: أصله، أنواعه، حكمه في الإسلام

السحر‎: أصله، أنواعه، حكمه في الإسلام

تعريف السحر

السحر لغةً هو ما خفي واستتر سببه، وهو عملية تؤدي إلى تغيير الشىء عن حقيقته بطرق متعددة كالكلام والكتابة والطلاسيم والخدع ونحوها، ومن عواقبه التأثير في جسم المسحور وحواسه، وهو أنواع مختلفة، بعضها يقتل، وبعضها يُمرِض، وبعضها يهدم العلاقات الإنسانية. أما على الصعيد الإصطلاحي فالسحر هو فعل شرير تستعمل فيه كلمات وكتابات وطلاسم معينة يتمكن بموجبها الساحر من استخدام الشياطين لمصلحته بهدف إلحاق الضرر بأشخاص معينين، ويأخذ أحيانا شكل أدوية وعقاقير وخلطات غريبة تؤثر على صحة المسحور وعقله وتتحكم في إرادته ورغباته فيتصرف بعكس ما تريد نفسه. وترتبط معاني السحر عموما بالإخفاء والاستتار، والخداع والتمويه، والتلهية والإشغال. ولا يتحقق أذاه إلا بمشيئة الله مصداقا لقوله تعالى: {وما هُم بضارِّين به من أحد إلا بإذن الله}.

أصل السحر

يعتبر السحر من الظواهر القديمة التي عرفتها البشرية منذ قرون، ولم يَسْلَم من أذاها حتى الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، فقد كان أقوامهم يتهمونهم بالسحر كلما دعوهم لعبادة الله مصداقا لقوله تعالى: {كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون}. ويعتمد أهل العلم في تحديد أصل السحر ونشأته على الآية الكريمة: {واتبعوا ما تتلوا الشياطين على مُلك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يُعلِّمون الناس السحر وما أُنزِل على الملكين ببابل هاروت وماروت...} الآية، وبناء على ذلك، يرى العلماء أن السحر من عمل الشياطين، ولم ينزل من السماء وإنما أصله الأرض، ويؤكدون أن مصدره هو الإنسان لأن الملائكة معصومة عن ارتكاب المعاصي، ويُرجعون سبب إنزاله من السماء إلى الأرض برغبة الله في ابتلاء عباده وتمحيص قلوبهم وإيمانهم.

أنواع السحر

ينقسم السحر بشكله العام إلى ثلاثة أنواع، يسمى الأول سحر التخيل، ويسمى الثاني السحر المؤثر، ويطلق على الثالث السحر المجازي. ففي النوع الأول يَستخدم الساحر قوى التخيل فيجعل أعين الناس ترى أشياء غير حقيقية كأن يبدو التراب ذهباً، ويصيرَ الحديد ماءً، وتبدو الحبال أفاعي مثلما حدث مع قوم موسى عليه السلام، ويعتمد الساحر في هذا الأمر على عنصرين مؤثرين في الخيال هما سحر العيون والاسترهاب، مصداقا لقوله تعالى: {قال ألقوا فلمـا ألقـوا سحروا أعين الناس و استرهبوهم}. ويعتبر النوع الثاني (السحر المؤثر) من أكثر أنواع السحر شيوعا وأشدها ضررا لتأثيره على حواس المسحور وجسده. ويتميز هذا النوع بتعاويذ وطلاسيم شيطانية يتم بموجبها إلحاق الضرر بالمسحور. وقد ذُكر هذا النوع من السحر في قوله تعالى: {ومن شر النفاثات في العقد}. أما النوع الثالث وهو السحر المجازي، فيعتمد على التمويه والكذب وخفة اليد وعلى الخدع الكيميائية أحيانا. ويعود سبب تسميته بالسحر المجازي لتطابقه مع المعنى اللغوي للسحر لأن أساسه الإخفاء والستر والتمويه.

حُكم تعلم السحر وتعليمه

اتفق أهل العلم على تحريم تَعلُّم السحر وتعليمه وممارسته، وصنَّفُوه في خانة الكبائر بالإجماع. وقد ذهب الكثير من العلماء إلى تكفير مُعلِّم السحر ومُتعلِّمه خاصة فيما يتعلق بالسحر الذي تستخدم فيه الشياطين مستشهدين على ذلك بقوله تعالى: {ولكن الشياطين كفروا يُعلِّمون الناس السحر}، وقوله تعالى في قصة الملكين ببابل هاروت وماروت: {وَما يُعَلِّمَانِ من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر}. وفيما يتعلق بالسحر الذي لا تستخدم فيه الشياطين والجن فقد حرمه العلماء بالإجماع لكنهم لم يكفروا صاحبه. وبناء على ما سبق، يمكن القول إن تَعلُّم السحر وتعليمه حرام باتفاق أهل العلم لأنه ضرر محض لا خير يرتجى منه ولا منفعة تتحقق به، مصداقا لقوله تعالى: {ويتعلمون ما يَضُرُّهُمْ ولا ينفعهم}.

جزاء الساحر

ينقسم جزاء الساحر في الدنيا إلى نوعين يرتبط كل واحد منهما بنوع السحر المزاوَل وبنتائجه على المسحور، فإذا أتى الساحر في سحره بما يكفره ويخرجه عن ملة الإسلام، وإذا قتل نفسا معصومة بسحره، وجب تطبيق الحد عليه حسب اتفاق جمهور العلماء، أما إذا لم يأتي في سحره بما يكفره ويخرجه عن دين الإسلام، ولم يؤدي سحره إلى قتل نفس معصومة ففي هذا الأمر خلاف بين أهل العلم. فمنهم من يقول بتطبيق الحد عليه وهذا قول أبي حنيفة، ومنهم من يقول باستتابة الساحر فإن تاب قبلت توبته وسقط الحد عنه وهذا رأي الشافعي والإمام أحمد. وتُوكَل مهمة تطبيق هذا الجزاء لولي شؤون المسلمين وحاكِمهم درءا للفتنة، وتجنبا لاتهام الناس بالسحر دون حجة أو دليل. أما جزاء الساحر في الآخرة فهو الخسارة وسوء الدار مصداقا لقوله تعالى: { ولقد عَلِمُوا لَمَنِ اشتراه ما له في الآخرة من خَلَاقٍ ولبئس ما شَرَوْا به أنفسهم لو كانوا يعلمون}.

بقلم: محمد الحياني

مشاركة هذا المقال:

للمطالعة: السحر‎

الرقية الشرعية
الشعوذة‎
التمائم الشركية
الوقاية من السحر
من أدعية الرقية الشرعية
الفرق بين الراقي والمشعوذ
العين والحسد
بِدَعُ الرقية الشرعية
الرقية الشرعية والطب

تعليقات

z