سورة الحديد

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ

سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [١]

تفسير الأية 1: تفسير الجلالين

{ سبَّح لله ما في السماوات والأرض } أي نزهه كل شيء فاللام مزيدة وجيء بما دون من تغليبا للأكثر { وهو العزيز } في ملكه { الحكيم } في صنعه .

لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [٢]

تفسير الأية 2: تفسير الجلالين

{ له ملك السماوات والأرض يحيي } بالإنشاء { ويميت } بعده { وهو على كل شيء قدير } .

هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [٣]

تفسير الأية 3: تفسير الجلالين

{ هو الأول } قبل كل شيء بلا بداية { والآخر } بعد كل شيء بلا نهاية { والظاهر } بالأدلة عليه { والباطن } عن إدراك الحواس { وهو بكل شيء عليم } .

هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ [٤]

تفسير الأية 4: تفسير الجلالين

{ هو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام } من أيام الدنيا أولها الأحد وآخرها الجمعة { ثم استوى على العرش } الكرسي استواءً يليق به { يعلم ما يلج } يدخل { في الأرض } كالمطر والأموات { وما يخرج منها } كالنبات والمعادن { وما ينزل من السماء } كالرحمة والعذاب { وما يعرج } يصعد { فيها } كالأعمال...

لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ [٥]

تفسير الأية 5: تفسير الجلالين

{ له ملك السماوات والأرض وإلى الله ترجع الأمور } الموجودات جميعها .

يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ [٦]

تفسير الأية 6: تفسير الجلالين

{ يولج الليل } يدخله { في النهار } فيزيد وينقص الليل { ويولج النهار في الليل } فيزيد وينقص النهار { وهو عليم بذات الصدور } بما فيها من الأسرار والمعتقدات .

آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ [٧]

تفسير الأية 7: تفسير الجلالين

{ آمنوا } داوموا على الإيمان { بالله ورسوله وأنفقوا } في سبيل الله { مما جعلكم مستخلفين فيه } من مال من تقدمكم وسيخلفكم فيه من بعدكم، نزل في غزوة العسرة وهي غزوة تبوك { فالذين آمنوا منكم وأنفقوا } إشارة إلى عثمان رضي الله عنه { لهم أجر كبير } .

وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [٨]

تفسير الأية 8: تفسير الجلالين

( وما لكم لا تؤمنون ) خطاب للكفار ، أي لا مانع لكم من الإيمان ( بالله والرسول يدعوكم لتؤمنوا بربكم وقد أخذ ) بضم الهمزة وكسر الخاء وبفتحها ونصب ما بعده ( ميثاقكم ) عليه أي أخذه الله في عالم الذر حين أشهدهم على أنفسهم "" ألست بربكم قالوا بلى "" ( إن كنتم مؤمنين ) أي مريدين الإيمان به فبادروا إليه .

هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَىٰ عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ [٩]

تفسير الأية 9: تفسير الجلالين

{ هو الذي ينزل على عبده آيات بينات } آيات القرآن { ليخرجكم من الظلمات } الكفر { إلى النور } الإيمان { وإن الله بكم } في إخراجكم من الكفر إلى الإيمان { لرؤوف رحيم } .

وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَٰئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَىٰ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ [١٠]

تفسير الأية 10: تفسير الجلالين

{ ومالكم } بعد إيمانكم { ألا } فيه إدغام نون أن في لام لا { تنفقوا في سبيل الله ولله ميراث السماوات والأرض } بما فيهما فتصل إليه أموالكم من غير أجر الإنفاق بخلاف ما لو أنفقتم فتؤجرون { لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح } لمكة { وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا } من...

مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ [١١]

تفسير الأية 11: تفسير الجلالين

{ من ذا الذي يقرض الله } بإنفاق ماله في سبيل الله { قرضا حسنا } بأن ينفقه لله { فيضاعفه } وفي قراءة فيضعفه بالتشديد { له } من عشر إلى أكثر من سبعمائة كما ذكر في البقرة { وله } مع المضاعفة { أجر كريم } مقترن به رضا وإقبال .

يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَىٰ نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [١٢]

تفسير الأية 12: تفسير الجلالين

اذكر { يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم } أمامهم { و} يكون { بأيمانهم } ويقال لهم { بُشراكم اليوم جنات } أي ادخلوها { تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك هو الفوز العظيم }.

يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ [١٣]

تفسير الأية 13: تفسير الجلالين

{ يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا } أبصرونا وفي قراءة بفتح الهمزة وكسر الظاء : أمهلونا { نقتبس } نأخذ القبس والإضاءة { من نوركم قيل } لهم استهزاءً بهم { ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا } فرجعوا { فضرب بينهم } وبين المؤمنين { بسور } قيل هو سور الأعراف { له باب باطنه فيه الرحمة } من...

يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَىٰ وَلَٰكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّىٰ جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ [١٤]

تفسير الأية 14: تفسير الجلالين

{ ينادونهم ألم نكن معكم } على الطاعة { قالوا بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم } بالنفاق { وتربصتم } بالمؤمنين الدوائر { وارتبتم } شككتم في دين الإسلام { وغرتكم الأمانيُّ الأطماع { حتى جاء أمر الله } الموت { وغركم بالله الغَرور } الشيطان .

فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ [١٥]

تفسير الأية 15: تفسير الجلالين

{ فاليوم لا يُؤخذ } بالياء والتاء { منكم فدية ولا من الذين كفروا مأواكم النار هي مولاكم } أولى بكم { وبئس المصير } هي .

أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ [١٦]

تفسير الأية 16: تفسير الجلالين

{ ألم يَأنِ } يَحِن { للذين آمنوا } نزلت في شأن الصحابة لما أكثروا المزاح { أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزَّل } بالتشديد والتخفيف { من الحق } القرآن { ولا يكونوا } معطوف على تخشع { كالذين أوتوا الكتاب من قبل } هم اليهود والنصارى { فطال عليهم الأمد } الزمن بينهم وبين أنبيائهم { فقست قلوبهم } لم...

اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ [١٧]

تفسير الأية 17: تفسير الجلالين

{ اعلموا } خطاب للمؤمنين المذكورين { أن الله يحيي الأرض بعد موتها } بالنبات فكذلك يفعل بقلوبكم يردها إلى الخشوع { قد بينا لكم الآيات } الدالة على قدرتنا بهذا وغيره { لعلكم تعقلون } .

إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ [١٨]

تفسير الأية 18: تفسير الجلالين

{ إن المصَّدقين } من التصديق أدغمت التاء في الصاد، أي الذين تصدقوا { والمصَّدقات } اللاتي تصدقن وفي قراءة بتخفيف الصاد فيهما من التصديق والإيمان { وأقرضوا الله قرضا حسنا } راجع إلى الذكور والإناث بالتغليب وعطف الفعل على الاسم في صلة أل لأنه فيها حل محل الفعل، وذكر القرض بوصفه بعد التصدق تقييد له...

00:00