سورة لقمان

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ

الم [١]

تفسير الأية 1: تفسير الجلالين

{ الم } الله أعلم بمراده به.

تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ [٢]

تفسير الأية 2: تفسير الجلالين

{ تلك } أي هذه الآيات { آيات الكتاب } القرآن { الحكيم } ذي الحكمة والإضافة بمعنى من.

هُدًى وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ [٣]

تفسير الأية 3: تفسير الجلالين

هو ( هدى ورحمة ) بالرفع ( للمحسنين ) وفي قراءة العامة بالنصب حالاً من الآيات العامل فيها ما في "تلك" من معنى الإشارة .

الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ [٤]

تفسير الأية 4: تفسير الجلالين

{ الذين يقيمون الصلاة } بيان للمحسنين { ويؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم يوقنون } هم الثاني تأكيد.

أُولَٰئِكَ عَلَىٰ هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [٥]

تفسير الأية 5: تفسير الجلالين

{ أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون } الفائزون.

وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ [٦]

تفسير الأية 6: تفسير الجلالين

{ ومن الناس من يشتري لهو الحديث } أي ما يلهي منه عما يعني { ليضلَّ } بفتح الياء وضمها { عن سبيل الله } طريق الإسلام { بغير علمٍ ويتخذها } بالنصب عطفاً على يضل، وبالرفع عطفاً على يشتري { هزؤاً } مهزوءاً بها { أولئك لهم عذاب مهين } ذو إهانة.

وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّىٰ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ [٧]

تفسير الأية 7: تفسير الجلالين

{ وإذا تتلى عليه آياتنا } أي القرآن { ولَّى مستكبرا } متكبرا { كأن لم يسمعها كأن في أذنيه وقرا } صمما وجملتا التشبيه حالان من ضمير ولَّى أو الثانية بيان للأولى { فبشِّره } أعلمه { بعذاب أليم } مؤلم وذكر البشارة تهكم به وهو النضر بن الحارث، كان يأتي الحيرة يتجر فيشتري كتب أخبار الأعاجم ويحدث بها...

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ [٨]

تفسير الأية 8: تفسير الجلالين

{ إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم جنات النعيم } .

خَالِدِينَ فِيهَا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [٩]

تفسير الأية 9: تفسير الجلالين

{ خالدين فيها } حال مقدرة أي: مقدرا خلودهم فيها إذا دخلوها { وعد الله حقا } أي وعدهم الله ذلك وحقه حقا { وهو العزيز } الذي لا يغلبه شيء فيمنعه من إنجاز وعده ووعيده { الحكيم } الذي لا يضع شيئا إلا في محله.

خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَىٰ فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ [١٠]

تفسير الأية 10: تفسير الجلالين

{ خلق السماوات بغير عمَدٍ ترونها } أي العمد جمع عماد وهو الاسطوانة، وهو صادق بأن لا عمد أصلا { وألقى في الأرض رواسي } جبالا مرتفعة لـ { أن } لا { تميد } تتحرك { بكم وبثَّ فيها من كل دابة وأنزلنا } فيه التفات عن الغيبة { من السماء ماءً فأنبتنا فيها من كل زوجٍ كريمٍ } صنف حسن.

هَٰذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ [١١]

تفسير الأية 11: تفسير الجلالين

{ هذا خلق الله } أي مخلوقه { فأروني } أخبروني يا أهل مكة { ماذا خلق الذين من دونه } غيره أي آلهتكم حتى أشركتموها به تعالى، وما استفهام إنكار مبتدأ وذا بمعنى الذي بصلته خبره وأروني معلق عن العمل وما بعده سد مسد المفعولين { بل } للانتقال { الظالمون في ضلالٍ مبينٍ } بيّن بإشراكهم وأنتم منهم.

وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ [١٢]

تفسير الأية 12: تفسير الجلالين

{ ولقد آتينا لقمان الحكمة } منها العلم والديانة والإصابة في القول، وحكمه كثيرة مأثورة، كان يفتي قبل بعثة داود وأدرك بعثته وأخذ عنه العلم وترك الفتيا وقال في ذلك: ألا أكتفي إذا كفيت، وقيل له أي الناس شر؟ قال: الذي لا يبالي إن رآه الناس مسيئاً { أن } أي وقلنا له أن { أشكر لله } على ما أعطاك من...

وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [١٣]

تفسير الأية 13: تفسير الجلالين

{ و } اذكر { إذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بنيّ } تصغير إشفاق { لا تشرك بالله إن الشرك } بالله { لظلم عظيم } فرجع إليه وأسلم.

وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ [١٤]

تفسير الأية 14: تفسير الجلالين

{ ووصينا الإنسان بوالديه } أمرناه أن يبرهما { حملته أمُه } فْوهنت { وهنا على وهنٍ } أي ضعفت للحمل وضعفت للطلق وضعفت للولادة { وفصاله } أي فطامه { في عامين } وقلنا له { أنِ اشكر لي ولوالديك إلىَّ المصير } أي المرجع.

وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [١٥]

تفسير الأية 15: تفسير الجلالين

{ وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم } موافقة للواقع { فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا } أي بالمعروف البر والصلة { واتبع سبيل } طريق { من أناب } رجع { إليَّ } بالطاعة { ثم إليَّ مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون } فأجازيكم عليه وجملة الوصية وما بعدها اعتراض.

يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ [١٦]

تفسير الأية 16: تفسير الجلالين

{ يا بنيّ إنها } أي الخصلة السيئة { إن تك مثقال حبة من خردلِ فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض } أي في أخفى مكان من ذلك { يأت بها الله } فيحاسب عليها { إن الله لطيف } باستخراجها { خبير } بمكانها.

يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ [١٧]

تفسير الأية 17: تفسير الجلالين

{ يا بنيّ أقْم الصلاة وأمُر بالمعروف وانْهَ عن المنكر واصبر على ما أصابك } بسبب الأمر والنهي { إن ذلك } المذكور { من عزم الأمور } أي معزوماتها التي يعزم عليها لوجوبها.

وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ [١٨]

تفسير الأية 18: تفسير الجلالين

{ ولا تصعِّر } وفي قراءة تصاعر { خدك للناس } لا تمل وجهك عنهم تكبرا { ولا تمش في الأرض مرحا } أي خيلاء { إن الله لا يحب كل مختالٍ } متبختر في مشيه { فخور } على الناس.

وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ [١٩]

تفسير الأية 19: تفسير الجلالين

{ واقصد في مشيك } توسط فيه بين الدبيب والإسراع، وعليك السكينة والوقار { واغضض } اخفض { من صوتك إن أنكر الأصوات } أقبحها { لصوت الحمير } أوله زفير وآخره شهيق.

أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ [٢٠]

تفسير الأية 20: تفسير الجلالين

{ ألم تروْا } تعلموا يا مخاطبين { أن الله سخَّر لكم ما في السموات } من الشمس والقمر والنجوم لتنتفعوا بها { وما في الأرض } من الثمار والأنهار والدواب { وأسبغ } أوسع وأتمَّ { عليكم نعمه ظاهرةً } وهي حسن الصورة وتسوية الأعضاء وغير ذلك { وباطنةً } هي المعرفة وغيرها { ومن الناس } أي أهل مكة { من يجادل...

وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَىٰ عَذَابِ السَّعِيرِ [٢١]

تفسير الأية 21: تفسير الجلالين

{ وإذا قيل لهم اتَّبعوا ما أَنزل الله قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا } قال تعالى: { أ } يتبعونه { ولو كان الشيطان يدعوهم إلى عذاب السعير } أي موجباته؟ لا.

وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ [٢٢]

تفسير الأية 22: تفسير الجلالين

{ ومن يُسلم وجهه إلى الله } أي يقبل على طاعته { وهو محسن } موحد { فقد استمسك بالعروة الوثقى } بالطرف الأوثق الذي لا يخاف انقطاعه { وإلى الله عاقبة الأمور } مرجعها.

وَمَنْ كَفَرَ فَلَا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ [٢٣]

تفسير الأية 23: تفسير الجلالين

{ ومن كفر فلا يَحزُنْك } يا محمد { كفره } لا تهتم بكفره { إلينا مرجعهم فننبئهم بما عملوا إن الله عليم بذات الصدور } أي بما فيها كغيره فمجاز عليه.

نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَىٰ عَذَابٍ غَلِيظٍ [٢٤]

تفسير الأية 24: تفسير الجلالين

{ نمتعهم } في الدنيا { قليلاً } أيام حياتهم { ثم نضطرهم } في الآخرة { إلى عذابٍ غليظٍ } وهو عذاب النار لا يجدون عنه محيصاً.

وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ [٢٥]

تفسير الأية 25: تفسير الجلالين

{ ولئن } لام قسم { سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله } حذف منه نون الرفع لتوالي الأمثال، وواو الضمير لالتقاء الساكنين { قل الحمد لله } على ظهور الحجة عليهم بالتوحيد { بل أكثرهم لا يعلمون } وجوبه عليهم.

لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ [٢٦]

تفسير الأية 26: تفسير الجلالين

{ لله ما في السماوات والأرض } ملكا وخلقا وعبيدا فلا يستحق العبادة فيهما غيره { إن الله هو الغني } عن خلقه { الحميد } المحمود في صنعه.

وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [٢٧]

تفسير الأية 27: تفسير الجلالين

{ ولو أن ما في الأرض من شجرةٍ أقلامٌ والبحر } عطف على اسم أن { يمده من بعده سبعة أبحر } مدادا { ما نفدت كلمات الله } المعبر بها عن معلوماته بكتبها بتلك الأقلام بذلك المداد ولا بأكثر من ذلك لأن معلوماته تعالي غير متناهية { إن الله عزيز } لا يعجزه شيء { حكيم } لا يخرج شئ عن علمه وحكمته.

مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ [٢٨]

تفسير الأية 28: تفسير الجلالين

{ ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة } خلقا وبعثا، لأنه بكلمة كن فيكون { إن الله سميعٌ } يسمع كل مسموع { بصيرٌ } يبصر كل مبصر لا يشغله شيء عن شيء.

00:00