مشغل القراءة في طور التحميل
السيرة الذاتية علي البرّاق
علي البراق، قارئ لا يعرف المستحيل
هو واحد من أبرز الأصوات القرآنية العربية والإسلامية. وُلد كفيفا فتحدى العراقيل وجابهَ الصعاب لينجح فيما فشل فيه الآخرون. من مميزاته إتقانه للقراءات السبع وإجادته للتجويد والترتيل. كان له الشرف بتدشين البث الإذاعي الرسمي في بلده سنة 1938م، له تسجيلات ضخمة في أرشيف الإذاعة والتلفزة المحلية. سُئل عنه الأديب العالمي طه حسين فقال: «إن صوته يعيدنا إلى الزمن الأول لنزول القرآن وبدء الحضارة العربية ». يتعلق الأمر بالقارئ التونسي الراحل علي البراق الذي وُلد في القيروان سنة 1899م.
خلال نشأته، لم يجد القارئ الراحل علي البراق مشكلة في إعاقته البصرية، فعلى العكس من ذلك، اتخذ من هذه المحنة حافزا ودافعا للنجاح والتفوق في المجال الذي يسره الله له ألا وهو تلاوة القرآن وترتيله. ومنذ نعومة أظافره كان الشيخ رحمه الله يتردد على حلقات العلم هنا وهناك فيغرف منها ما شاء له الله. كما كان معجَبا بالطرق الصوفية فكان يحضرها بين الفينة والأخرى وينهل منها بما لذ وطاب من سماع ومديح وإنشاد. وقد كانت أول مؤسسة تعليمية يرتادها هي كُتّاب مدينته أو ما يطلق عليه بالروضة القرآنية. هناك حفظ القرآن الكريم وختمه تلاوة وتجويدا وترتيلا وبالقراءات السبع كلها.
وفي بداية الثلاثينيات من القرن الماضي، وبعد مسيرة موفقة في دراسة كتاب الله وقواعده، انضم القارئ الشيخ علي البراق إلى إحدى الطرق الصوفية فأعجب بمنهجها وكان يفيد ويستفيد منها في مجال السماع والإنشاد. بعد ذلك، وخلال نفس الحقبة تقريبا، التحق بالإذاعة التونسية وافتتحها بتلاوة سورة الفاتحة واستمر في الاشتغال بها مدة طويلة، كان يتحف خلالها المستمعين بتلاوات عطرة بصوته الجميل وأسلوبه المميز. غير أن هذه التلاوات لم تكن مسجلة لعدم توفر الأشرطة المغناطيسية والمضغوطة آنذاك.
ومن محاسن الصدف، أن الشيخ الراحل علي البراق واصل الاشتغال في الإذاعة إلى غاية الستينيات من القرن الماضي، ليعاصر بذلك زمنا مختلفا أتاح له فرصة تسجيل تلاواته صوتا وصورة تزامنا مع تأسيس التلفزيون التونسي سنة 1966م. وخلال حياته، حج القارئ الراحل إلى بيت الله مرتين اثنتين نال خلالهما إعجاب الحجاج والمعتمرين خاصة عندما رتل ما تيسر من كتاب الله في رحاب الحرمين الشريفين سنتي 1950م و 1963م.
وبعد مسيرة طويلة مع القرآن الكريم، لبى القارئ الشيخ علي البراق نداء ربه فأسلم الروح لبارئها في الرابع من دجنبر سنة 1981م، تاركا خلفه إرثا قرآنيا متميزا، وسيرة إنسانية تستحق أن تروى.
تعليقات