نبدة عن رواية ورش عن نافع

تعتبر رواية ورش عن نافع من الروايات المتواترة التي يُقرأ بها القرآن الكريم في مختلف البلدان الإسلامية خاصة في منطقة شمال إفريقيا ودول المغرب العربي. ويَنسب المؤرخون الإسلاميون هذه الرواية إلى أبي سعيد عثمان بن سعيد بن عبد الله بن عمرو بن سليمان الملقب بورش والذي عاش في مصر خلال الفترة بين سنتي (197-110هـ).

اشتهر الإمام ورش في مصر بحسن الصوت وإتقان اللغة العربية والتمكن من قواعد قراءة القرآن الكريم. وقد ساعده في ذلك قراءته للقرآن على يد شيوخ له في مصر لكنه سرعان ما سافر إلى المدينة المنورة لصقل موهبته على يد الإمام نافع بن أبي نُعيم الذي قرأ عليه عدة ختمات بأوجه عديدة سنة 155 للهجرة، فأقره على قراءته بسبب توافقها مع بعض الأوجه التي أخذها نافع عن شيوخه السبعين.

بعد ذلك عاد إلى مصر مرة أخرى فتقلد رئاسة الإقراء هناك بإجماعٍ وتزكيةٍ من أهل العلم والمسلمين حوله، ليصبح بعدها شيخ القراء في مصر وهي إشارة تؤكد إقرار أهل هذا البلد بقراءته رغم اطلاعهم على قراءات أهل المدينة خلال رحلات الحج، ورغم علمهم بقراءات الشيوخ والأئمة المقيمين بين ظهرانيهم، ومن وقتها تواترت قراءة ورش وظلت معتمَدة إلى يومنا هذا.

وتتميز هذه الرواية عن غيرها بعدد من الاختلافات المتعلقة بكلمات القرآن وحروفه وكيفية نطقها وما يرتبط بذلك من حذف أو زيادة أو تفخيم أو ترقيق، ومن ذلك أخذ ورش بطريقة التحقيق وهي زيادة التمكين للحروف والحركات، وتغليظه لكل لام مفتوحة، وعدم النطق بالهمز كما في رواية حفص (المومنون/المؤمنون)، وقراءة الياء بالفتح إذا تلتها همزة قطعٍ مفتوحة مثل قوله تعالى: (وقال ربِّ أوزعنِيَ أن أشكر نعمتك). كما يتميز ورش عن سائر القراء بحبه للمد والزيادة فيه. وتعتبر رواية ورش عن نافع واحدة من أهم الرموز الدينية للمغرب والمغاربة إلى جانب المذهب المالكي.