إفطار الصائم

إفطار الصائم

من مميزات المسلم الحق بحثُه الدائم عن مسالك الخير وأبواب الإحسان لتحقيق التقوى وتثبيت العمل وزيادة الأجر والثواب، ولأننا في شهر رمضان الكريم، فإن مسالك الخير كثيرةٌ وأبواب الإحسان متعددةٌ، ومن ذلك التصدق على الفقراء والعطف على المساكين وقضاء حوائجهم اليومية وتخفيف أعبائهم المادية والمعنوية التي تزداد حِدَّتُها في رمضان أكثر من غيره. وفي هذا الصدد رغَّب الرسول صلى الله عليه وسلم في مسألة إفطار الصائم وشجع المسلمين عليها، فقال في الحديث الشريف: (من فطَّر صائما كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئا ). لذلك حَرِيٌّ بكل مسلم ومسلمة اتخاذ المبادرة والتفكير في إفطار الفقراء من أقربائه وجيرانه والمحتاجين من حوله.

وبهكذا فِعلٍ، يترجم المسلم ما يتميز به من أخلاق وقيم إلى أفعال حقيقية على الأرض، فيقف مع إخوانه في الشدائد، ويساعد المساكين عند الضرورة، ويقدم يد العون لمن هم في حاجة إليه دون تردد في سائر الأيام والأحوال، فكيف بذلك ونحن في عز رمضان، فإفطار الصائم سنة حميدة، وإدخال الفرحة على قلوب الفقراء مبادرة مجيدة فضلها كبير وأجرها كثير، وفي هذا ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح قوله: ( من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرَّج عن مسلم كربة من كرب الدنيا فرَّج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر على مسلم ستره الله في الدنيا والآخرة ). وفي إفطار الصائم خلال رمضان تحقيق لبعض ما جاء في هذا الحديث النبوي من مقاصد دينية واجتماعية وإنسانية شريفة.

إن إفطار الصائم في رمضان وإعانته بالطعام على ذكر الله وطاعته سبحانه وتعالى، يوجب للمُعطِي الأجر والثواب من جهة، ويحقق للمُعطَى له العفاف والكفاف من جهة أخرى، وبذلك يتحقق نوع من العدل الاجتماعي من شأنه خلق جو من التآلف والتآزر والتعاون بين المسلمين على البر والتقوى. فالمسألة لا تتوقف على الأثر المباشر لإفطار الصائم والمتمثل في دفع الجوع والعطش فحسب، بل تتعداها لتشمل تعزيز الأواصر الإنسانية معه، وإغناءه عن ذل الحاجة وهوان السؤال، وتحسيسه بأهميته في المجتمع وإبعاد شعور الإهمال والتهميش عنه. فقد ُسِئل بعض السلف الصالح يوما : (لم شُرِع الصيام؟ قال: ليذوق الغني طعم الجوع، فلا ينسى الجائع).

وقد اتفق أهل العلم على حصول أجر إفطار الصائم بأي شيء يُفطَر عليه كالتمر والماء ونحوهما، لكن أفضل الإطعام هو الذي يكون بالوجبة الكاملة. وقد تغيرت مظاهر إفطار الصائم في عصرنا الحالي فاتخذت أبعادا أخرى يقوم من خلالها الأفراد أو المؤسسات الخيرية بإفطار الفقراء والمساكين وعابري السبيل وغيرهم بشكل جماعي، وهي مبادرات محمودة تدخل في باب التدافع الخَيِّر الذي يثاب فاعله خير الثواب ويجازى صاحبه أحسن الجزاء.

مشاركة هذا المقال:

تعليقات