إضاءات حول أهمية المطر في الإسلام

إضاءات حول أهمية المطر في الإسلام

من سنن الله في الكون أن حياة جميع الكائنات وسائر المخلوقات رهينة بالماء مصداقا لقوله تعالى في سورة الأنبياء: {وَجعلنا من الماء كُلَّ شيء حيّ}، فالماء مرادف للحياة والخضرة والجمال، وانعدامه مرادف للموت والجفاف والبوار. ومن أهم مصادر الماء في الطبيعةِ الامطارُ التي ينزلها سبحانه وتعالى من السماء فإذا الينابيع جاريةٌ، وإذا الأرض مُخْضرَّةٌ، وإذا الزرع مبتهجٌ، وإذا الناس فرحون برحمة الله مصداقا لقوله تعالى في سورة الزُّمَر {ألم تَرَ أن الله أَنزَل من السماء ماء فسلَكه ينابيع في الأرض ثم يُخرِج به زرعا مُختلفا ألوانُه}، فالمطر نعمة ربانية لا ثمن لها، وهبة إلاهية لا غنى للناس عنها، وهو رزق يرسله الله تعالى رحمةً بعباده وبهيمته وسائر الكائنات.

ويكتسي المطر أهميته البالغة لدوره الحيوي في سقي الأرض وإنبات الزرع الذي يشكل مصدرا مهما لغذاء الإنسان والحيوان. كما يساعد المطر على نموّ النباتات والأشجار وتكاثرها مساهما بذلك في حماية التربة من الانزلاق، وزيادة المساحات الخضراء التي تعمل على تلطيف الجو وتنقيته من الغازات الضارة. وتنضاف لذلك مساهمته في تكوّن المياه بالينابيع والأنهار والآبار موفرا بذلك كميات هامة من المياه الجوفية الصالحة للاستعمال عند الحاجة. ومن فوائد المطر كذلك، قضاؤه على الميكروبات والجراثيم المنتشرة في الهواء والتربة والتي تشكل خطرا على الكائنات الحية بجميع أنواعها، وتزويد التربة بعدد من المعادن التي يكون محملا بها عند نزوله كالكالسيوم، والمغنيسيوم، والحديد والتي تساهم في تسميد التُّربة ورفع خصوبتها.

ولأن المطر هبة إلاهية لا يتحكم فيها إنسان ولا حجر ولا شجر، يَحدث أن ينقطع أحيانا، فلا تمطر السماء في وقتها، ولا ينزل الغيث في حينه، فتقحل الأرض، ويكثر الجذب وتزداد الأرض عطشا وظمئاً. وضعٌ كهذا تعيشه عدد من الدول الإسلامية هذه الأيام بينها المملكة المغربية التي كان ولا يزال مواطنوها -خاصة الفلاحون منهم- ينتظرون المطر بفارغ الصبر لانقاذ موسمهم الفلاحي الذي يتهدده القحط و الجفاف. وبعيدا عن الأسباب الطبيعية، ربط الله تعالى في كتابه العزيز انحباس المطر بعدم استقامة الناس ولزوم طاعته، ومن ذلك قوله تعالى في سورة الجن: {وألَّوِ استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماءً غَدَقًا لِنَفْتِنَهُمْ فيه ومن يُعْرِضْ عن ذِكْرِ ربه يَسْلُكْهُ عذاباً صَعَدًا}. كما ربط النبي الكريم انحباس المطر بمنع زكاة الأموال وعدمُ أدائها لمستحقيها مصداقا لقوله: (وما منع قوم زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا)) الحديث.

وإذا كان الابتعاد عن منهج الله وكثرة الذنوب والمعاصي سببا في انحباس المطر، فإن التوبة إليه واستغفاره بالليل والنهار أسباب تساهم في نزول الغيث مصداقا لقوله تعالى: {فقلت استغفروا ربَّكم إنه كان غَفَّاراً، يرسلِ السماء عليكم مدراراً}، فالاستغفار مجلبةٌ للمطر النافع، لأن العبد إذا استغفر ربَّه تاب من ذنوبه، ورجع إلى طريق الحق وجادَّة الصواب. ومن الأسباب الجالبة للمطر كذلك صلاة الاستسقاء وهي سنة مؤكدة تؤدى في أرضٍ خاليةٍ بعيدا عن العمران اقتداءً بفعل النبي الكريم، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "خرج النبي صلّى الله عليه وسلّم للاستسقاء متذللاً متواضعاً متخشعاً متضرعاً". فصلاة الاستستقاء بما فيها من تذلل وخضوع واستسلام لله تعالى وسيلة ناجعة لجلب المطر خاصة إذا كانت مصحوبة بالدعاء الصادق، فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه و سلم : (اللهمَّ اسقنا غيثاً مُغِيثاً مَرِيئاً, نافعاً غير ضارَّ, عاجلاً غير آجل) ، قال: فأطبقت عليهم السماء.

فاللَّهُمَّ اسقِ عبادك وبهيمتك وانشر رحمتك، واَحْيِي بلدك الميت.

مشاركة هذا المقال:

تعليقات