رمضان عند الشباب: شهر السهر بالليل والنوم بالنهار

رمضان عند الشباب: شهر السهر بالليل والنوم بالنهار

خلال السنوات الأخيرة، أصبح حلول شهر رمضان الكريم يتزامن مع فصل الصيف في أكثر من بلد عربي وإسلامي، وفي هذا الإطار وعوض إيلاء الأهمية القصوى لشهر الرحمة والمغفرة واستغلاله فيما يرضي الله سبحانه تعالى، يولي الكثير من شباب اليوم أهمية بالغة لفصل الصيف، فيمضون الليل ساهرين في المقاهي والشواطئ والملاهي وجلسات السمر هنا وهناك، ويقضون النهار نائمين حتى ساعة متأخرة من الزوال، وكأن رمضان الكريم شهر للسهر والمتعة الليلية، وليس شهرا للعبادات والطاعات الدينية والدنيوية.

ففي الوقت الذي حثنا النبي صلى الله عليه وسلم على استثمار شهر رمضان الكريم في صيام النهار وقيام الليل، يقوم هؤلاء الشباب للأسف باستثمار نهار رمضان في النوم والكسل، وليلَه في السهر الفارغ والسمر الذي لا طائل من ورائه. فنجد بعضهم جالسين في المقاهي والملاهي حتى ساعة متأخرة من الليل، يثرثرون أو يدخنون السجائر وما شابهها، ويتحدثون في المسائل التافهة التي لا تقدم ولا تُؤخر. ومنهم من يهرع إلى الشواطئ والساحات العمومية فيتسامرون ويلعبون الورق ويغنون حتى يقترب الفجر ثم يعودون إلى بيوتهم منهكين، فيرتمون على أقرب أريكة ويظلون نائمين إلى ما بعد الظهر والعصر أحيانا.

ويتجلى ضرر هذه التصرفات والسلوكات في تضييع الكثير من ثواب شهر رمضان على هؤلاء الشباب، حيث يصرفهم السهر على قيام الليل والذكر وقراءة القرآن والانشغال بالنوافل تقربا من الله سبحانه تعالى، ويمنعهم النوم من أداء الصلوات المفروضة في وقتها خاصة صلاتي الصبح والظهر، إضافةً إلى ما يترتب عن ذلك من تغيرات واضطرابات في عادات النوم والاستيقاظ عندهم، فيخسرون فرصة الفوز بالأجر والحسنات، ويهدرون طاقتهم وصحتهم فيما يضرهم ولا ينفعهم. ولو علموا ما في رمضان من خير لاستغلوه حق استغلاله، ولو علموا ما في السهر الفارغ من شر لابتعدوا عنه أيما ابتعاد.

وفي ظل هذه الصورة السلبية التي نراها عن بعضٍ من شباب اليوم، نتمنى أن يستيقظ هؤلاء من غفلتهم وينفُضوا عنهم غبار الكسل والإهمال فيعملوا بوصية النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال في الحديث الذي رواه ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل وهو يعظه : (اغتنم خمسا قبل خمس شبابَك قبل هرمك وصحتَك قبل سقمك وغِنَاك قبل فقرك وفراغَك قبل شغلك وحياتَك قبل موتك). فاغتنام هذه الأمور الخمسة واجب على الناس في كل الشهور والأوقات، لكنه أوجب على الشباب في شهر رمضان الكريم الذي تُضاعف فيه الحسنات وتُغفر فيه الخطايا.

مشاركة هذا المقال:

تعليقات