كيف يكون الصوم الصحيح ؟

كيف يكون الصوم الصحيح ؟

من التساؤلات المشروعة للصائمين في رمضان، كيف يكون الصوم الصحيح؟ ويعود سبب هذا التساؤل إلى رغبة المسلمين في استغلال هذا الشهر الفضيل إلى أقصى الدرجات، واستثماره في تكفير السيئات والفوز بالحسنات. كما يَرجع ذلك إلى رغبتهم في تجنب كل ما من شأنه أن يُفسِد فريضة الصيام، ويَذهب بتعب الجوع و العطش وغيرهما من المفطرات هباءً. فكيف يكون الصوم الصحيح يا تُرَى؟ وما هي الأمور التي يجب إتيانها والأشياء التي يجب تجنُّبها ؟

للإجابة عن هذه التساؤلات نشير إلى أن فريضة الصيام كغيرها من العبادات لها ضوابط فقهية وأحكام شرعية لا يستقيم الصوم بدونها ولا يَصِحُّ في غيابها، وقد جاء الإسلام بهذه الضوابط والأحكام لتقنين هذه الفريضة وحمايتها من كل ما قد يشوبها من مُحدَثات وبِدع. وتنقسم هذه الأحكام حسب ما اتفق عليه أهل العلم إلى أركان وشروط ومبطلات إذا احترمها المسلم وعمل بها صَحَّ صومه وثبت أجره.

ويأتي على رأس هذه الأحكام رُكْنَا الصوم وهما النية أي اعتقاد القلب وعزمُه - قبل طلوع الفجر - على فعل الصيام دون شك أو تردد، مصداقا لقول الرسول الكريم في الحديث الشريف: (من لم يُبَيِّت الصيام قبل الفجر فلا صيام له)، والإمساك عن شهوتي البطن والفرج من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس، مصداقا لقوله تعالى في سورة البقرة: {وكُلوا واشربوا حتى يَتبيَّن لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أَتِمُّوا الصيام إلى الليل}.

وبالإضافة إلى رُكنَيْ الصوم، يتطلب هذا الأخير عددا من الشروط قسَّمها أهل العلم على ثلاثة أقسام هي شروط الوجوب، وشروط الصحة، وشروط الوجوب والصحة. وتستوجب شروط الوجوب ثلاثة أمور هي البلوغ، والقدرة والإقامة في البلد. من جانبها، تستوجب شروط الصحة ثلاثة أمور هي النية المبيتة في القلب، والتمييز، والزمان القابل للصوم، وتتمثل شروط الوجوب والصحة معاً في ثلاثة أمور أخرى هي الإسلام والعقل والطهارة من دم الحيض والنفاس.

وإذا كانت الأركان والشروط من الأمور التي يجب إتيانها كي يَصِحَّ الصوم، فإن أمورا أخرى يجب تجنبها وتفاديها كي لا تَفْسُدَ هذه العبادة الجليلة، ويتعلق الأمر بمبطلات الصوم التي لخَّصها أهل العلم في ستة أشياء هي الأكل والشرب أثناء الصيام بشكل متعمد دون عذر شرعي، والقيء العمد، والجماع خلال نهار رمضان، والاستمناء بشكل متعمَّد، ونزول دم الحيض والنفاس من المرأة، وعقد النية على الإفطار أثناء الصوم لأن الأعمال بالنيات.

وهناك أمور أخرى يجدُر بالمسلم تجنبها حفاظا على صومه من كل فساد أو نقصان، كالغيبة والنميمة وشهادة الزور وغيرها من التصرفات والسلوكات التي تتنافى مع القيم الإسلامية السمحة خاصة في هذا الشهر الفضيل. فالصيام فريضة عظيمة جعل الله ثوابها بينه وبين عبده مصداقا لقوله تعالى في الحديث القدسي: [كل عمل ابن آدم له إلا الصيام، فإنه لي وأنا أجزي به].

مشاركة هذا المقال:

تعليقات