التفجيرات الارهابية مرة أخرى، إلى أين يتجه العالم؟
شهر آخر لا يكاد ينقضي دون تفجيرات إرهابية هنا وهناك، فبراير أو شباط كما يسميه البعض يأبى أن يرحل إلا وفي جعبته شيء من القتل والجرح والدمار، وبعضٌ من الحزن والألم والانكسار. عمليات همجية يضرب مرتكبوها خبْطَ عشواء مستهدفين كل شيء ولاشيء، دون التفريق بين هدف مدني وعسكري، ودون التمييز بين جدار إسمنتي وحشد بشري. فمن سوريا إلى تركيا مرورا بالعراق، عاشت عدد من مناطق العالم مرة أخرى على وقع تفجيرات إرهابية وهجومات وحشية دمعت لها العين ونَدى لها الجبين.
ففي 21 من شهر فبراير الجاري، سقط أزيد من خمسين شخصا بين قتيل وجريح في تفجيرات انتحارية نفذها مجهولون بسيارة مفخخة في مدينة حمص بالجمهورية العربية السورية حسب ما أعلن عنه المرصد السوري لحقوق الإنسان. التفجيران اللذان أعلن تنظيم "داعش" فيما بعد مسؤوليته عنهما، وقعا قرب مدخل حي الأرمن في حمص، واستُخدمت فيهما كميات كبيرة من المتفجرات، وسط أجواء من التوتر السياسي والعسكري بين الحكومة السورية والمعارضة المسلحة.
وفي نفس اليوم كذلك، اهتزت منطقة السيدة زينب بريف دمشق في سوريا على وقع ثلاثة تفجيرات إرهابية استهدفت منطقة قريبة من مستشفى الصدر مخلفة سقوط أزيد من مائة قتيل وجريح معظمهم من المدنيين. تفجيراتٌ أعلن تنظيم "داعش" مرة أخرى مسؤوليته عنها، وعزاها المراقبون السياسيون إلى النزعة الطائفية والتعصب المذهبي لمرتكبيها نظرا لاستهدافها مقام السيدة زينب، الذي يعد وجهة للسياحة الدينية في سوريا.
التفجيرات الإرهابية الجبانة امتدت لتشمل تركيا أيضا، ففي 17 فبراير الجاري، اهتزت العاصمة التركية أنقرة على وقع تفجير ضخم استهدف قافلة عسكرية على بعد أمتار من مقر البرلمان ووزارة الدفاع في أنقرة، مخلفا مقتل أزيد من 28 شخصا وجرح 61 آخرين إضافة إلى حرق عدد من سيارات النقل العسكري وعدد من المباني المجاورة حسب ما أعلنه المتحدث باسم الحكومة التركية. السلطات المحلية عزت سبب الانفجار لعمل إرهابي استُخدمت فيه سيارة مفخخة متهمة حزب العمال الكردستاني بالضلوع وراءه.
جمهورية العراق لم تسلم بدورها من التفجيرات الإرهابية الغادرة، ففي 25 من فبراير الجاري، قتل تسعة أشخاص على الأقل وجرح عشرات آخرون جُلهم من المدنيين في تفجيرين انتحاريين استهدفا حسينية للشيعة في العاصمة العراقية بغداد. التفجير الأول تم بحزام ناسف داخل حسينية الرسول الواقعة في مدينة الشعلة شمالي العاصمة العراقية، فيما وقع التفجير الثاني عند تجمع للقوات الأمنية قرب الموقع، حسب ما ذكرته تقارير إعلامية. وعلى خلاف تفجيرات سوريا، لم تعلن أية جهة مسؤوليتها عن هذه الأعمال الهمجية.
وبالتأمل في تفجيرات هذا الشهر وفي غيرها، يمكن تلخيص الأسباب الكامنة وراءها في الصراعات السياسية والنزعات الطائفية والتعصب المذهبي. وبغض النظر عن الأطراف المساهمة في هذه الوضع غير الطبيعي، وبعيدا عن شرعية وجودها من عدمها، ومهما تكن أهدافها ونواياها، يبقى المتضرر الأكبر في هذا العبث كلِّه هم المدنيون الأبرياء الذين يسقطون صرعى في معارك لا ناقة لهم فيها ولا جَمل. فلا شيء في العالم يبرر هدر الأرواح البشرية بهذه الفظاعة، ولا شيء في الكون يجيز قتل الأبرياء باسم السياسة تارة، وباسم الدين تارة أخرى والدين من كل هذا براء.
- << بلدة "مضايا"، قصة حصار وخراب ودمار !
- احتفالية اليوم العالمي لشعراء السلام تكرم المنشد العالمي سامي يوسف >>
تعليقات