صوم الأطفال في رمضان

صوم الأطفال في رمضان

من الآباء والأمهات من يقوم بتشجيع أبنائه وبناته على العبادات والطاعات منذ سن مبكرة، وهي مبادرة محمودة تزرع في نفوس الصغار أسُس هذا الدين ومبادئه الراقية، ومن ذلك حثهم على صيام بعضٍ من رمضان وتحفيزهم على ذلك عملا بحديث (علموهم لسبع واضربوهم لعشر). لكن الملاحظ أن هناك من لا يهتم بالتربية الدينية لأبنائه، وهناك من لا يبحث في مسألة صيام الأطفال ولا يوليها العناية التي تستحق، وبين هذا وذاك هناك قلة قليلة تعرف ما لها وما عليها في هذا الموضوع. فما قول أهل العلم في صيام الأطفال من الناحية الشرعية؟ وما رأي الطب في صيام الصغار من الناحية الصحية ؟

على المستوى الشرعي، اتفق العلماء على أن صيام رمضان لا يجب على الطفل الصغير حتى يبلغ، واستشهدوا على ذلك بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف: (رُفِعَ القلم عن ثلاثة: عن المجنون المغلوب على عقله حتى يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم)، لكن ذلك لا يعني بأي حال من الأحوال ترك الطفل وشأنه حتى يبلغ، بل على العكس تماما، يجب أمره بالصيام وتعويده عليه خاصة في سن الإطاقة الذي حدده أهل العلم في عشرة أعوام، وقد يقل أو ينقص حسب جنس الطفل وما إذا كان ذكرا أو أنثى.

ومن الأمور التي يجب أن يعلمها المسلم في أيامنا هذه، أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يأمرون أطفالهم بالصيام إذا رأوا فيهم القدرة على ذلك دون أن يصروا عليهم إن هم بكوا أو رفضوا، خوفا على أجسادهم الصغيرة من المرض، وإذا حدث العكس وأصر بعض أطفالهم على الصيام رغم عدم قدرتهم، جلسوا إليهم وأقنعوهم بالكلمة الطيبة والنصح الحسَن. لذلك يفترض في الآباء والأمهات استلهام هذه القيم من الصحابة الكرام وتطبيقها في هذا الشهر الكريم، بتشجيع أطفالهم على الصيام إذا توفرت القدرة الصحية والذهنية فيهم، وإقناعهم بتركه إذا غابت هذه الشروط وخافوا عليهم من حدوث مضاعفات صحية.

وفي هذا الصدد، يمكن استشارة الأطباء والمختصين لتحديد قدرة الطفل على تحمل الصوم من عدمها، وفي حالة القدرة، يُنصح الأهل بتوفير ما يكفي من السوائل لأطفالهم بعد ساعات الصيام، وتزويدهم بما يلزمهم من فيتامينات ومعادن وغيرها من خلال نظام غذائي متوازن، كما يُنصح الأهل بالتدرج في صيام أطفالهم عاما بعد عام بدءا من سن السابعة، دون السماح لهم بصيام الشهر كله وإنما بتحديد أيام معينة كاليوم الأول والأخير من رمضان، ويُفضل التدرج معهم أثناء فترة الصيام من خلال دعوتهم إلى الامتناع عن الأكل فقط والسماح لهم بالشرب مثلا، او تحديد ساعات معينة للصيام كأن يمسك الطفل مع الكبار ويفطر بعد الظهر.

كما يُنصح الأهل بالانتباه لأطفالهم خلال الصيام، وحثهم على الإفطار الفوري إن هم أحسوا بالتعب ولم يستطيعوا تحمل الصوم، أما في حالة المرض فإن السماح للأطفال بالصوم يعتبر مخاطرة كبيرة لا ينبغي الدخول فيها مهما كانت الظروف والأسباب.

مشاركة هذا المقال:

تعليقات