لنعمر المساجد

لنعمر المساجد

من المعلوم أن رمضان ليس شهرا للصيام فحسب، بل هو شهر للاجتهاد في سائر العبادات والطاعات بما في ذلك ذكر الله وتلاوة القرآن والمحافظة على الصلوات الخمس وصلاة التراويح والقيام، وهي شعائر يؤديها الكثير من الناس في بيوتهم لسبب أو لآخر، لكن أفضل مكان لها هو المساجد التي تعتبر بيوتا لله وضعت لذكره وعبادته مصداقا لقوله تعالى في سورة التوبة: ﴿إِنما يَعْمُرُ مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يَخْشَ إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين﴾. فلنعمر المساجد أيها الأحبة ولنجعل قلوبنا معلقة بها في رمضان وفي غير رمضان.

لنعمر المساجد ولنجعلها واحة لقلوبنا وراحة لصدورنا، نصلي فيها الفريضة خمس مرات في اليوم، ونؤدي فيها التراويح كل ليلة بعد العشاء، ونسهر لقيام الليل حتى مطلع الفجر، وبذلك تهدأ نفوسنا الضائعة، وتسعد أرواحنا التائهة، فإذا نحن في ظِلال السجود ندعو، وفي كنف القيام نثني، وفي أحضان القرآن نتلو، وبين هذه وتلك، نتأمل في ملكوت الله بخشوع وتفكر، ونسبِّح بحمده بخضوع وتدبر، ونستغفره سبحانه ونذكره ذكرا كثيرا. فالمسجد جنة المسلم في الدنيا، بجلوسه فيه يكسب الأجر، وبصلاته فيه ينال الثواب، فكيف إذا صلينا فيه الفريضة والنافلة، وأتبعناها بالتراويح وقيام الليل، وكل ذلك في رمضان الذي تكثر فيه الخيرات وتضاعَف فيه الحسنات.

لنعمر المساجد ولنحرص على اغتنام أجر الذهاب إليها خاصة في العشر الأواخر من رمضان، ولنقتنص فضل الوقوف داخل أسوارها لمناجاة الرحمان، فكم من خير يضيع علينا بهجرها، وكم من نعيم يفوتنا بعدم التردد عليها، ولنداوم على ذلك في رمضان وفي غيره عساها تُقبل صلاتُنا، وتُستجاب دعواتنا ويُتقبل صيامنا وقيامنا وركوعنا وسجودنا، فالصلاة المفروضة تريح البال، والتراويح تروح عن النفس، وقيام الليل ينفس عن الصدر، وفوق هذا وذاك أجرٌ من الله ومغفرة ورضوان، ولنتذكر أن المحروم الحقيقي هو من حُرِم نعمة الوقوف بين يدي الله في بيوت الله خاصة في مثل هذا الشهر الفضيل. فنحن نجيب الناس إن هم دعونا لبيوتهم، فكيف لا نجيب دعوة الله لنا إلى بيته ونحن نسمع خمس مرات في اليوم حي على الصلاة حي على الفلاح.

لنعمر المساجد ولنمكث فيها أطول وقت ممكن خاصة بعد صلاة العشاء في رمضان، ولننس هموم الدنيا ومشاغلها ولنتركها خلف ظهورنا، كي نتلذذ بالتراويح وننعم بحلاوة القيام، ولنكن جزءا من حسنها وبهائها، فزينة المساجد ذِكر الله، وحُلتها النوافل، وأهلها من يعمرونها بالليل والنهار، فبين المسلم والمسجد علاقة لا تنتهي، ومودة لا تفسد، ورابطة لا تنقطع، وإذا حدث شرخ في هذه العلاقة بسبب الكسل والخمول والغفلة، فرمضان فرصة لا تُعوض، بها يُجدد الوصل مع الله، وتعاد العلاقة مع المسجد، ويرجع الارتباط ببيوت الله كما كان من قبل أو أحسن، فلنواظب على الصلوات الخمس ما استطعنا، ولنحرص على التراويح ما قدرنا، ولنسهر لقيام الليل وُسْعَ أنفسنا، فرمضان لم ينتهي والفرصة قائمة، والتوبة مفتوحٌ بابها في كل وقت وحين، فلنعمر المساجد بحضورنا، ولنعمر قلوبنا بذكر الله عز وجل.

مشاركة هذا المقال:

تعليقات