رمضان يجمعنا، فلنكن من جديد أمة واحدة

رمضان يجمعنا، فلنكن من جديد أمة واحدة

من غرائب الأمة العربية والإسلامية أنه وبقدر ما توحدنا المناسبات الدينية كشهر رمضان والأعياد وغيرها، بقدر ما تفرقنا الحسابات الضيقة والأنانية المفرطة واللامبالاة تجاه بعضنا البعض أفرادا كنا أو جماعات. ومع إطلالة كل شهر رمضان يكبر فينا الأمل ويعظم عندنا الرجاء فنتمنى بصدق الحالمين وعزم الصابرين أن نعيد الزمن الجميل الذي عاشته أمتنا، ونستعيد الأمجاد الغابرة التي صنعها أجدادنا بمداد من ذهب ولسان حالنا يقول "رمضان يجمعنا، فلنكن من جديد أمة واحدة."

رمضان يجمعنا في الطقوس وفي المظاهر وفي كيفية الاحتفاء والاحتفال به وإن اختلفت التفاصيل وتباينت الجزئيات. رمضان يوحدنا في الصيام بنفس الطريقة، والقيام بنفس الشكل، وقراءة القرآن بنفس الكيفية، وصلة الرحم والمسارعة إلى فعل الخيرات مع بعض الاختلافات البسيطة والتغيرات المرتبطة بتواجدنا الزمني والجغرافي. فلماذا لا يوحدنا في باقي المجالات الحياتية دينية كانت أو دنيوية؟ ولماذا لا نستغله لاستعادة نخوتنا العربية وهويتنا الإسلامية من خلال تكتلات سياسية واقتصادية تدافع عن مصالحنا أمام الأطماع الغربية والهجمات الأجنبية؟

رمضان يجمعنا في العادات وفي التقاليد وفي الأعراف وإن كان لكل بلد عربي وإسلامي خصوصياته الثقافية والاجتماعية التي يتفرد بها. رمضان يوحدنا فنفطر على آذان المغرب جميعا أينما كنا، ونمسك على آذان الفجر جميعا حيثما تواجدنا، ونصلي التراويح كلنا في المساجد وفي البيوت أفرادا وجماعات أينما حللنا وارتحلنا، ونقدم الصدقات للفقراء والمساكين قدرما استطعنا، فلماذا توحدنا الطقوس الرمضانية وتفرقنا الخلافات المذهبية والأطماع السياسية والحسابات الشخصية التي لا تسمن ولا تغني من جوع؟ لماذا توحدنا المشاعر الرمضانية وتشتت شملنا طباعنا الأنانية وميولاتنا المشككة في نوايا بعضنا البعض؟

رمضان يجمعنا في الطقوس ويوحدنا في المظاهر لكن ذلك لا ينعكس على علاقتنا الشخصية والرسمية والدبلوماسية، ولا نرى له أثرا يساهم في تقوية لُحمة العروبة فينا وأواصر الإسلام عندنا ووشائج الإنسانية لدينا، فلا العرب آبهون بدمار أشقائهم في فلسطين وسوريا والعراق، ولا المسلمون مهتمون بمآل إخوانهم في إفريقيا الوسطى ونيجيريا وبورما، وحدها المؤامرات الكيدية ضد بعضنا البعض تشغلنا، والصراعات المذهبية ضد إخواننا تقتلنا، والنزعات الدموية ضد أشقائنا تقودنا نحو التفرقة والتهلكة والدمار. رمضان يجمعنا فلنتأمل بعمق في أبعاده الاجتماعية قبل الروحية، ولنجعله قنطرةً نمر عبرها من زمن الفرقة والشتات إلى زمن الوحدة والتكتل.

مشاركة هذا المقال:

تعليقات