نبذة عن رواية حفص عن عاصم
تعد رواية حفص عن عاصم من أهم وأشهر الروايات القرآنية التي يتداولها العرب والمسلمون في العالم، والتي يُتلى بها كتاب الله عز وجل وتُقرأ بها آياته. وتُنسَب هذه الرواية إلى القارئ حفص بن سليمان بن المغيرة بن أبي داود الأسدي الكوفي الغاضري المتوفى سنة 180 للهجرة، والذي أخذها بدوره عن شيخه الإمام عاصم بن بهدلة أبي النَّجُود الكوفي الذي توفي سنة 120 للهجرة.
وتشتهر القراءة بهذه الرواية القرآنية في المشرق العربي خاصة في بلاد الحرمين، وأرض الشام، وأجزاء من مصر، وعدد من دول العالم التي لا تتحدث العربية. ويعود سبب اشتهارها باسم حفص عن عاصم إلى فترة تدوين أشهر القراءات القرآنية الصحيحة حيث كان العلماء يختارون لكل قراءة إماما شيخا وتلميذين لهما، لذلك أسندت هذه الرواية للشيخ عاصم واشتهرت بنسبتها لتلميذيه حفص وشعبة، لكن رواية شعبة أقل شهرة ولا يعرفها الكثير من الناس.
ويعتبر الإمام عاصم من القراء السبعة وهو تابعي جليل، وينتهي إسناد روايته في القراءة إلى عبد الله بن مسعود وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، ويحل إسناده في العلو مباشرة بعد ابن كثير وابن عامر، الأمر الذي يجعل بين عاصم وبين النبي صلى الله عليه وسلم رجلان فقط من حيث الإسناد. وقد ورد في العديد من المراجع الإسلامية أن الإمام عاصم كان يُقرِئ حفصا ًبقراءة علي بن أبي طالب التي يرويها عن طريق أبي عبد الرحمن.
وقد قرأ حفص برواية عاصم على الناس في بغداد ومكة المكرمة وغيرهما، واشتهر في زمانه بكونه أعلم أصحاب عاصم بقراءة عاصم وكان مشهورا بأنه أكثر ضبطا للحروف مقارنة مع شعبة. كما عُرف بالتزامه الشديد وحرصه الكبير على الحفاظ على هذه الرواية فكان له تلامذة وطلاب يأخذون عنه قواعد القراءة وكان بذلك خير خلف لخير سلف.
وتتميز هذه الرواية القرآنية بفصاحة الكلمات، والتزامها بقواعد النحو المعروفة، وقرب ألفاظها من معظم ألفاظ العرب، وتختلف عن باقي الروايات في عدة وجوه نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر؛ إضافة الألف في كلمة "مالك" عوض "ملِك" في قوله تعالى في سورة الفاتحة "مالك يوم الدين"، وتقصير المد في التلاوة مقارنة مع رواية ورش، وقراءة الهمزة دون تسهيل عكس ورش الذي كان يميل إلى تسهيلها في مواطن معينة، ويحذفها في مواطن، ويقلبها ياءً في مواطن أخرى.