نبدة عن رواية قالون عن نافع
من الروايات القرآنية المعتمدة في العالمين العربي والإسلامي رواية قالون عن نافع. وكما يتضح من خلال اسمها تشترك هذه الرواية القرآنية مع رواية ورش في الشيخ المأخوذ عنه وهو الإمام نافع بن عبد الرحمن بن أبي نُعيم الليثي الكناني الملقب بحبر القرآن، وهو أحد القراء العشرة وإمام قراء المدينة المنورة.
وتعد هذه الرواية من الروايات المتواترة التي اهتم بها الأولون وذكروها في كتبهم ومؤلفاتهم، وهي أول رواية قرآنية ضمن قائمة الروايات المتواترة منذ انطلاق عملية توثيق هذا العلم القرآني المهم، وتشتهر هذه الرواية بشكل كبير في دول المغرب العربي خاصة في تونس وليبيا وموريتانيا وبعض الدول في القارة السمراء.
وقد أخذ الإمام قالون هذه الرواية عن شيخه الإمام نافع الذي أخذها بدوره عن سبعين من التابعين الأجلاء. وهي رواية متواترة وموثوقة الإسناد في جميع طبقاتها ودرجاتها. وقد ولد قالون واسمه الكامل أبو موسى بن مينا بن وردان بن عيسى بن عبد الصمد بن عمر بن عبد الله الزرقي مولى بن زهرة في المدينة المنورة سنة 120 هجرية، وقد لازم شيخه نافع منذ سنة 150 هجرية فضبط على يده قواعد هذه الرواية وبرع فيها حد الإتقان واستحق بدون شك أن تنسب هذه الرواية له وأن يرتبط اسمه بها إلى يومنا هذا.
وبفضل مكانته العظيمة في هذا المجال، تم تكليف الإمام قالون برئاسة الإقراء في المدينة المنورة بعد وفاة شيخه نافع، وكان معروفا في الأوساط الدينية بقارئ المدينة وأستاذ اللغة العربية ومُرَوِّضَها، وكان من فضل الله عليه جلوس القارئين بين يده لنصحهم، وأخذ رأيه فيهم، وتصحيح أخطائهم إن وُجدت. وقد قضى في منصب الإقراء ردحا من الزمن إلى أن قبضه الله إلى جواره سنة 220 للهجرة.
وتختلف هذه الرواية عن غيرها من عدة نواحي،فقد أثبتَ قالون البسملة بين كل سورتين، سواء أكانت السورة الأولى بعد الثانية في ترتيب المصحف أم قبلها، وسواء أكانت تتلوها مباشرة أم لا، إلا بين آخِرِ سورة الأنفال وأوَّلِ سورة التوبة؛ فإنه لا بسملة هنا، ومن مميزات هذه الرواية أيضا القراءة في مواضع الاستفهام المكرر بالاستفهام في الأول فقط وبالإخبار في الثاني. وجدير ذكره أن قالون قرأ قوله تعالى: (أَنِ ٱسۡرِ) بالوقف على الراء بالترقيق. وقرأ قوله تعالى: (فَٱسۡرِ) بالوقف على الراء بالتفخيم.