حكم العين والحسد في الإسلام وكيفية الوقاية منهما

تعريف العين والحسد

العيْن لغةً لفظ مشتق من الفعل عان يَعين أي أصابه بعينه، وفي الاصطلاح الشرعي إعجابٌ واستحسانٌ مشوب بمشاعر خبيثة كالبغض والكره يحصل بسببها ضرر معين للمنظور إليه. أما الحسد في اللغة فهو اسم مشتق من الفعل حسَد يَحْسِدُ ويَحْسُدُ حسدًا، إذا تمنى شخصٌ ما أن تتحول إليه نعمةُ وفضلُ شخص آخر، أو يسلبهما منه. والحسد في الاصطلاح الشرعي هو تمني زوال نعمة من مستحِق لها وإن لم يَصِرْ للحاسد مثلها. أو تمني عدم حصولها أصلا لغاية خبيثة في النفس. والحسد - من جهة - أعم من العين وأشمل، فكل عائن حاسد، وليس كل حاسد عائنا. لكن العين - من جهة أخرى - أكثر ضررا من الحسد. وقد يحسد الشخص شخصا آخر على شيء غير موجود قد يحصل وقد لا يحصل في المستقبل، لكن العائن على عكس ذلك، لا يعين غيره إلا على الأشياء الموجودة التي يراها بعينه.

حُكم العين والحسد

يرى أهل العلم أن العين والحسد حرام ينبغي للمسلم تجنبهما. ويستدلون على تحريم الحسد بما ورد في الحديث الذي رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : ( لاَ تَحَاسَدوا ، ولا تناجشوا ، وَلاَ تَباغضوا ، وَلاَ تَدَابَروا ... )، وقوله تعالى في سورة الفلق: [ومن شر حاسد إذا حسد]. وعن العين يرى أهل العلم أنها حقٌّ مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه مسلم: (العين حق ولو كان شيء سابق القدَر لسبقته العين). ويرون أن تحريمها يدخل في باب تحريم إيقاع الضرر على الناس وإلحاق الأذى بهم، ويستشهدون على ذلك بقوله تعالى في سورة الأحزاب: [ واللذين يُؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا ]، وقوله صلى الله عليه وسلم: ( لاَ ضَرَرَ وَلاَ ضِرَارٌ ).

كيفية الوقاية من العين والحسد

وللوقاية من العين والحسد، ينصح أهل العلم كل مسلم ومسلمة بالتوبة والاستغفار والالتزام بأحكام الله تعالى والابتعاد عن نواهيه. كما ينصحون بعدم الحديث عن أفضال الله تعالى عليهم أمام كل من هبّ ودبّ باستثناء الأشخاص اللذين يثقون في صفاء قلوبهم وحسن نواياهم من أصدقائهم وأقربائهم وأهل مودتهم عملا بالحديث الشريف الذي رواه الطبراني وغيره، وصحَّحه الشيخ الألباني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( استعينوا على إنجاح الحوائج بالكتمان؛ فإن كلَّ ذي نعمةٍ محسودٌ ). ولنا في يعقوب عليه السلام مع أبنائه قدوة وعبرة، وهو القائل ليوسف عليه السلام : [ يا بُني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا إن الشيطان للإنسان عدو مبين]. وهو القائل لأبنائه فيما بعد: [يا بَنِيَّ لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة ] خوفا عليهم من العين والحسد.

كيفية علاج العين والحسد

إذا رغب المسلم في علاج العين والحسد أو تجنبهما يمكنه اللجوء إلى الرقية الشرعية. فقد ثبت في "الصحيحين" أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا رقيةَ إلا من عينٍ، أو حُمَّة). بمعنى لا رقيةَ أشفى وأَوْلَى من رقية العَيْن وذي الحُمَّة. وقد رقى النبي صلى الله عليه وسلم نفسه وأمر بها. وبالإضافة إلى الرقية الشرعية يمكن علاج العين والحسد بالإكثار مِن التعويذات التي كان يقولها النبي الكريم والصحابة. ومن ذلك نذكر على سبيل المثال لا الحصر، قول: "بسم الله الذي لا يضرُّ مع اسمِه شيءٌ في الأرض ولا في السماء، وهو السميع العليم"، و "اللهم إني أجعلُكَ في نحورِهم، وأعوذُ بك من شرورِهم"، و "أعوذ بكلمات الله التامَّات من شرِّ ما خلَق"، و "أعوذ بكلمات الله التامَّة، من كلِّ شيطانٍ وهامَّة، ومن كلِّ عين لامَّة"، و"أعوذ بكلمات الله التامَّة مِن غضبه، وشر عباده، ومن همزات الشياطين وأن يحضرونِ".

بقلم: محمد الحياني

مشاركة هذا المقال:

تعليقات