الزواج في الإسلام، ما للمرأة وما عليها

الزواج لغة اقتران شيء بشيء آخر وارتباطهما مع بعضهما بعدما كانا منفصلين. والزواج شرعا عقد شرعي بين رجل وامرأة يحل كل منهما للآخر ويباح لهما بموجبه الاستمتاع ببعضهما في حدود ما أحله الله سبحانه تعالى طلبا للنسل ولتكوين أسرة صالحة على الوجه المشروع. وقد حث الإسلام الناس على طلب الزواج ورغَّبهم فيه، ولم يستثني من هذا الأمر حتى الأنبياء والمرسلين. والزواج بمختلف أبعاده سنة كونية جعلها الله للتراحم والتساكن بين الذكر والأنثى مصداقا لقوله تعالى: ﴿ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة﴾.

وبالنظر للأهمية التي يكتسيها الزواج في الإسلام، وضع الشرع الحنيف لهذا المفهوم أحكاما وضوابط حمايةً للزوجين معاً خاصة النساء، ومن ذلك أن يكون للمرأة إذنٌ من والدها أو ولي أمرها ممن يحرص على سعادتها ويدافع عن حقوقها، ويعتقد الفقهاء بعدم جواز زواج المرأة دون وليها مصداقا للحديث الشريف: (لا نكاح إلا بولي). ومن ضوابط الزواج كذلك أن يكون الزوج مسلما وأن لا تكون الزوجة محرمة عليه كأن تكون مشرِكة أو من محارمه، ومن ضوابط الزواج كذلك أن يتم العقد بين الزوجين برضاهما معا دون إكراه. وتنضاف لهذه الضوابط أحكام أخرى منها الإشهاد على الزواج برجلين مسلمين موثوقين، وأن يكون العقد مؤبدا غير مقيد بفترة زمنية معينة، وأن يتم الإعلان عنه أمام الناس مصداقا لقول النبي الكريم: (أعلنوا النكاح).

واعتبارا لمكانتها العظيمة وأهميتها البالغة في المجتمع المسلم، كرَّم الإسلام الزوجة فأعطاها كامل حقوقها وفرض عليها بالمقابل عددا من الواجبات، ومن أعظم الحقوق التي منحها الإسلام للزوجة المسلمة، إلزامية احترام الأزواج لزوجاتهم وحسن معاملتهن مصداقا لقوله تعالى: ﴿وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا﴾. ومن الحقوق المُكرِّمة للزوجة المسلمة كذلك استحقاقها للمهر عند الزواج، وهو مال يقدمه الزوج للزوجة كتعبير رمزي عن إعزاز المرأة وإكرامها، وكدليل على حسن النية في معاشرتها بالمعروف. وتنضاف لهذه الأمور حقوق كثيرة نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر، كسوتها، والإنفاق عليها وغير ذلك كثير.

وفي مقابل هذه الحقوق وغيرها، تلعب المرأة المسلمة دورا حيويا في إنجاح "مؤسسة الزواج" من خلال تقلدها للمهام الصعبة داخل وخارج البيت، فهي الزوجة والأم والمربية، وهي الساهرة - طوعا لا كرها - على راحة الزوج والأبناء. فالقيام بأعباء البيت من أصعب الأعمال وأكثرها مشقة، وتحمل مسؤولية الأمومة من حمل ووضع ورضاع، والخروج للعمل خارج البيت أحيانا، كلها مهمات صعبة و جسيمة تستنزف طاقة الزوجة معنويا وجسديا، ولولا صبرها وتحملها لما استقامت البيوت ولا استقرت النفوس ولا انتظمت الأسر والمجتمعات، لذلك لا يسع كل عاقل وعاقلة إلا أن يقف إجلالا واحتراما لهذا النوع من النساء والإشادة بمجهوداتهن الجبارة في بناء أسرة سليمة ومجتمع صالح.

وبناء على ما سبق، نلاحظ الأهمية الكبيرة التي تحظى بها "مؤسسة الزواج" في الإسلام، ونستكتشف المكانة الفريدة للمرأة داخل هذه المؤسسة كزوجة وأم ومربية بالتعاون مع زوجها بطبيعة الحال. فالزواج من منظورنا الإسلامي شراكة مثمرة بين الرجل والمرأة يقتسم فيها الطرفان الحقوق والواجبات في حدود إمكانياتهما المادية والجسدية والمعنوية دون إفراط أو تفريط. ولنا أن نطالع صفحات التاريخ الإسلامي المجيد، ونقلب في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم مع زوجاته أمهات المؤمنين، لنكتشف كيف حول الإسلام نساء الجاهلية المظلومات المهمشات إلى زوجات عفيفات، لهن من الحقوق والمكتسبات ما يفوق الواجبات.

بقلم: محمد الحياني

مشاركة هذا المقال:

تعليقات