صلاة الاستسقاء وأحكامها

تعريف صلاة الاستسقاء

الاستسقاء لغةً مصدر مشتق من الفعل استسقى يستقي بمعنى طلب الماء من الله تعالى أو من الناس لحاجته إليه. أما اصطلاحا فالاستسقاء هو طلب السقيا من الله عز وجل عند انحباس المطر وحدوث الجدب والجفاف. ويُعرِّف أهل العلم صلاة الاستسقاء على أنها صلاة نفل يؤديها المسلمون بكيفية مخصوصة طلبا للغيث من الله سبحانه وتعالى إذا أصابهم الجَدْب وحل بديارهم القحط والجفاف. وهي صلاة يلجأ إليها المسلمون عند حاجتهم إلى الماء خاصة إذا كانوا في مناطق تنعدم فيها مصادر المياه كالآبار و الأودية والأنهار فلا يجدون ما يشربون منه ولا ما يسقون به زروعهم ومواشيهم، وقد يتوفر لهم بعض الماء ومع ذلك يستسقون الله لأن الماء المتوفر - في هذه الحالة - لا يسد حاجياتهم.

حُكم صلاة الاستسقاء

يُجمِع أهل العلم على أن صلاة الاستسقاء سُنَّة مؤكدة يؤديها الرجال والنساء عند الحاجة للماء كلما جفَّت الأرض وانقطع المطر. ويستشهدون في حُكمهم هذا بما ورد في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن عبد الله بن زيد رضي الله عنه (أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى الْمُصَلَّى فاستسقى فاستقبل القِبلة وقلب رداءه وصلى ركعتين). كما يرى أهل العلم أن صلاة الاستسقاء يمكن أن تؤدى بالجمع وبالمفرد، وبصلاة وبدون صلاة، ولا يشترطون لأدائها مكانا مخصوصا بعينه فهي جائزة في المسجد كما في الصحراء وفي البيت كما في الهواء الطلق. وهي في المصلى جماعةً أفضل وأكمل لما فيها من التلاحم والتواضع والتذلل والخشوع.

وقت صلاة الاستسقاء

يرى أهل العلم أن صلاة الاستسقاء جائزة في كل وقت وحين إلا في الأوقات التي ورد النهي فيها عن الصلاة بصفة عامة. ويُستحسن أن يؤدي المسلمون صلاة الاستسقاء بعد ارتفاع الشمس قيد رمح، أي بعد طلوع الشمس بربع ساعة تقريباً، ويستمر وقتها إلى فترة الزوال. وفي هذا الصدد يحدد الإمام النووي وقت صلاة الاستسقاء على ثلاثة أوجه، أولها أن وقتها هو نفس وقت صلاة العيد، وثانيها أن وقتها يكون في نفس الفترة بين أول وقت صلاة العيد إلى صلاة العصر، وثالثها وهو ما يُجمِع عليه جمهور العلماء أن صلاة الاستسقاء لا تختص بوقت معين أو محدد، بل تجوز وتصح في أي وقتٍ من ليلٍ أو نهار، ما عدا أوقات الكراهة.

صفة صلاة الاستسقاء

يُشَبِّهُ جمهور العلماء صلاةَ الاستسقاء بصلاة العيد، فهي مثلها في عدد الركعات، وفي الجهر بالقراءة، وفي عدد التكبيرات، وفي الزوائد في كلا الركعتين. وهي صلاة يصليها الإمام بالمسلمين ركعتين في المصلى، فيُكبِّر سبع تكبيرات في الأولى وخمس تكبيرات في الثانية، ثم يقرأ الفاتحة وسورة الأعلى جهرا في الركعة الأولى، والفاتحة وسورة الغاشية جهرا في الركعة الثانية. ثم يقوم بعدها فيخطب في الناس خطبة واحدة كخطبة العيد يفتتحها بالتكبير والثناء على الله تعالى، ويُضمِّنها عبارات التضرع والدعاء والاستغفار وطلب السقيا. بعد ذلك يُيَمِّمُ الإمام وجهه شطر القبلة فيقلب رداءه ويبدأ في الدعاء سراًّ بينه وبين الله تعالى، فيفعل المصلون مثله فيستقبلون القبلة ويحولون ما عليهم من ملابس كالعباءات والجلابيب وغيرها ويقلبون ظهرها إلى بطنها ويمينها إلى شمالها اقتداء بسنة النبي الكريم.
وتجدر الإشارة أنه يجوز الاستسقاء لله بدون صلاة وذلك بأن يكتفي الناس بالوقوف والدعاء في المسجد أو في غيره، فهي من حيث المعنى صلاة استسقاء وهي من حيث الشكل بدون صلاة أي بدون ركوع أو سجود ونحو ذلك.

شروط الانتفاع بصلاة الاستسقاء

لكي تحقق صلاة الاستسقاء غاياتها ولكي ينتفع المسلمون بها وضع أهل العلم عددا من الشروط والآداب، ومن ذلك أن يخرج المسلم متواضعاً متذللاً ومتضرعاً لله دون زينة أو تَرفٍ في الهيئة والشكل إسوة برسول الله صلى الله عليه وسلم الذي ورد عنه أنه (خرج مُتَبَذِّلاً متواضعا متضرعا حتى أتى المُصَلَّى...)، وأن يدعو الإمام أهل الصلاح والتقوى بالخروج في هذه الصلاة ولا بأس بالأطفال والعجائز لقوله صلى الله عليه وسلم: (هل تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إلا بضعفائكم)، وأن يُكثِر المسلم قبل وأثناء وبعد الصلاة من الاستغفار والآيات التي تأمر به لأن الاستغفار مجلبة للغيث. وأن يقوم الإمام في خطبة الصلاة بوعظ الناس وأمْرهم بالتوبة والكف عن الذنوب والمعاصي لأنها سبب القحط والجفاف، وأن يلح المسلمون في التضرع إلى الله والابتهال إليه، فإن لم ينزل المطر بعد صلاة الاستسقاء مرةً، أعادوها ثانية وثالثة حتى يستجاب لهم.

بقلم: محمد الحياني

مشاركة هذا المقال:

تعليقات