الإعجاز في القرآن، تعريفه، أنواعه والحكمة منه

تعريف الإعجاز

الإعجاز في اللغة هو التحدي وإثبات العجز والضعف وعدم القدرة على فعل شيء خارق، وهو عكس القدرة والاستطاعة، ومنه اشتُقت كلمة المعجزة لعجز الناس عن الإتيان بمثلها. والإعجاز في الاصطلاح هو الشيء الخارق للعادة المقترن بالتحدي وغير القابل للنقد والنقض والمعارضة. فبالإعجاز تنكشف قدرات الإنسان الضعيفة والمحدودة، وبه تثبت عدم استطاعتهم على الإتيان بالمعجزة أو مثلِها مهما تطورت الوسائل ومهما تقدم الزمن. وبناءً على هذا التعريف يرى أهل العلم أن إعجاز القرآن يُفيد من جهة، صِدق القرآن الكريم وكمالَه في الشكل والمضمون، ومن جهة أخرى، عجز العرب والأجيال من بعدهم عن نقد القرآن الكريم و تفنيده والإتيان بمثله.

دليل الإعجاز في القرآن

لما دعا النبي الكريم قريشا إلى الإسلام كذبوه وطالبوه بمعجزة تثبت صدق دعوته ورسالته، فأجابهم أن القرآن الكريم هو معجزته، وتجلّى ذلك على عدة مستويات، حيث تدرج الله تعالى في تحدي الكفار بإعجاز القرآن بقوله: {فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين}، ثم خفف هذا التحدي فقال سبحانه: {أَمْ يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سُوَرٍ مثله مُفْتَريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين}، ثم زاد من التخفيف فقال: {أَمْ يقولون افتراه قُلْ فأتوا بسورة مثله}، وتصاعد التحدي الإلهي في قوله تعالى: {قُلْ لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعضٍ ظهيرا}، بعدها أكد الله تعالى على إعجاز القرآن واستحالة الإتيان بمثله فقال: {فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أُعِدَّتْ للكافرينَ}.

أنواع الإعجاز في القرآن

تختلف أنواع الإعجاز القرآني وتتنوع لتشمل عددا من المواضيع والمجالات، ومن ذلك نذكر الإعجاز البياني، والإعجاز العلمي، والإعجاز التشريعي، والإعجاز الغيبي. فالإعجاز البياني هو قدرة القرآن الكريم على إيصال المعاني والرسائل المختلفة بوضوح وبلاغة يعجز البشر عن الإتيان بمثلها. والإعجاز العلمي هو إخبار القرآن الكريم بالحقائق والمعلومات الدقيقة المرتبطة بالظواهر الكونية المختلفة كأسرار الفضاء والبحار والجبال وغيرها والتي لم يكن ممكنا إدراكها في زمن نزول القرآن ولم يتم إثباتها إلا بالعلم الحديث. والإعجاز التشريعي هو سمو ودقة التشريعات والنُّظُم والمبادئ التي جاء بها القرآن الكريم وتميزها عن ما دونها من التشريعات والأحكام الوضعية بطريقة يستحيل على البشر الإتيان بها. أما الإعجاز الغيبي فيُقصد به إشارة القرآن الكريم لأمور غيبية لها علاقة بالماضي أو الحاضر أو المستقبل يستحيل على البشر التنبؤ بها.

الحكمة من الإعجاز في القرآن

يمكن تلخيص الحكمة من وجود الإعجاز في القرآن الكريم بقوله تعالى في سورة فصلت: {سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق}. فأنواع الإعجاز التي يتضمنها القرآن الكريم وما تحمله من فصاحة لغوية وحكم تشريعية وحقائق علمية وأخبار غيبية كلها إشارات ودلالات تؤكد لمن هو بحاجة لتأكيد أن القرآن الكريم حق وأنه كلام الله تعالى الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. وبالإضافة إلى ذلك تتمثل حكمة الإعجاز القرآني في تثبيت وطمأنة قلوب المؤمنين بهذا الدين، وفي مساعدتهم على محاججة غيرهم وإقناعهم بصحة الإسلام وصِدق رسالته خاصة أولئك الذين يحتاجون إلى دلائل مادية وبراهين علمية. ومن حكمة الإعجاز أيضا أنه يفتح الباب أمام المسلمين للبحث والاستكشاف في مختلف الظواهر والعلوم ويمدهم بالإشارات اللازمة للانطلاق في هذا المجال.

أمثلة الإعجاز في القرآن

من نماذج الإعجاز البياني في القرآن الكريم قوله تعالى في سورة الأنعام: {ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم}، وقوله تعالى في سورة الإسراء: {ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم}، فالآية الأولى تخاطب الفقراء وتنهاهم عن قتل أولادهم بسبب الفقر الواقع، لذلك قَدَّم تعالى رزق الوالدين على الأولاد فقال {نرزقكم وإياهم}، والآية الثانية تخاطب الأغنياء وتنهاهم عن قتل أولادهم خوفا من حدوث الفقر، لذلك قَدَّم تعالى رزق الأولاد على الوالدين فقال تعالى {نرزقهم وإياكم}. وفي الإعجاز العلمي قوله تعالى في سورة الحِجر {وأرسلنا الرياح لواقح}، وهي معلومة أكدها العلم الحديث بفضل الوسائل المتطورة وأثبت أن الرياح تحمل حبات الطلع لتلقيح الأزهار لتصبح فيما بعد ثمارا.ً ومن أمثلة الإعجاز الغيبي قوله تعالى في سورة الروم: {الم غُلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غَلَبهم سيغلبون في بضع سنين}، ففي هذه الآية أخبر القرآن بانتصار الروم على الفرس بعد هزيمتهم في بضع سنين وهو ما تحقق لاحقا وأثبتته الوثائق التاريخية.

بقلم: محمد الحياني

مشاركة هذا المقال:

تعليقات