أسباب النزول في القرآن، تعريفها، أنواعها وأهميتها

تعريف أسباب النزول

يتكون لفظ أسباب النزول من كلمتين مُركَّبتين، الأولى "أسباب" ومفردها سبب وهو كل ما يُتوَصل به إلى غيره، والأسباب في موضوعنا هي ما يَتوصل المسلم عن طريقه إلى تفسير الآيات القرآنية وفهم قصتها وإزالة الإشكال عنها. أما الكلمة الثانية فهي "النزول" وهو مصدر للفعل نزل ينزل أي حَلَّ من أعلى إلى أسفل، ومعناه في موضوعنا نزول القرآن الكريم على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم من السماء إلى الأرض. وينقسم هذا النزول على قسمين؛ الأول هو ما نزل ابتداء من غير سبب، وهو أكثر القرآن، والثاني هو ما نزل مرتبطا بسبب، وهو أقل القرآن. وأسباب النزول بشكل عام هي الحوادث التي وقعت في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، والتي نزلت بشأنها الآيات القرآنية لتبيان حكمها أو الإجابة على الأسئلة المرتبطة بها.

أنواع أسباب النزول

أسباب النزول خمسة أنواع أولها تعدد الأسباب والمُنَزَّل واحد كقوله تعالى: {والذين يَرْمُون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم} رَدًّا على هلال بن أمية لما قذف امرأته عند النبي، وردًّا على عويمر العجلاني وسؤاله النبي عن الرجل يجد مع امرأته رجلاً. وثانيها تعدد نزول النص لتعدد الأسباب ومن ذلك قوله تعالى: {قل الروح من أمر ربي}، ردا على قيام اليهود بسؤال النبي عن الروح وهو في المدينة، وردا على قيام المشركين في مكة بطرح نفس السؤال على النبي. وثالثها تعدد النزول مع وحدة السبب ومن ذلك قوله تعالى: {أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى} ردا على أم سلمة عندما قالت: (يارسول الله، لا أسمع الله ذكر النساء في الهجرة بشيء). وقوله تعالى: {إن المسلمين والمسلمات} ردا على أم سلمة عندما قالت: (يا رسول الله ما لنا لا نذكر في القرآن كما يذكر الرجال). ورابعها تقدُّم نزول الآية على الحكم، وخامسُها تعدد ما نزل في شخص واحد.

كيفية معرفة أسباب النزول

بما أن أسباب النزول مرتبطة بشكل وثيق بزمان ومكان الحادثة التي نزلت بشأنها الآيات القرآنية، يرى العلماء أن معرفة أسباب النزول لا تخضع للرأي والاجتهاد وإنما تتم معرفتها بالعودة للصحابة والتابعين الذين شهدوا تلك الأحداث وآيات تنزيلها، أو سمعوا عنها، ووقفوا على أسبابها، وبحثوا في علمها، وثبتت صحة رواياتهم عنها. لذلك، يُمنع على أهل العلم وغيرهم استخدام آراءهم واجتهاداتهم في مسألة أسباب النزول والقول مثلا إن الآية الفلانية نزلت في الحادثة الفلانية، ما لم ترد بذلك رواية صحيحة عن أحد الصحابة أو التابعين ممن حضر تلك الحادثة أو سمع عنها من مصدر موثوق. وفي هذا الصدد، يُنبّه أهل العلم إلى ضرورة الحذر والتيقظ وعدم خلط أسباب النزول بما ليس منها، حيث يحدث أن يقول أحدهم: نزلت آية كذا في كذا، ويكون قصده في تلك الحالة هو موضوع الآية أو ما دلت عليه من الحكم، وليس الحادثة التي نزلت بسببها.

أهمية أسباب النزول

لمعرفة أسباب النزول أهمية كبيرة وفوائد عظيمة، ومن ذلك نذكر على سبيل المثال لا الحصر؛ معرفة التشريعات والأحكام التي جاء بها القرآن الكريم بشكل دقيق، والاطلاع على أسبابها عن قرب، والاستعانة بأسباب النزول لفهم الآيات وتفسيرها، وإزالة الغموض عنها بتحليلها في ضوء الواقعة التي نزلت بشأنها، لأن العلم بالسبب يورث العلم بالمسبب. كما تكتسي معرفة أسباب النزول أهمية بالغة لأن لفظ الآيات القرآنية يكون في الغالب عاما، فتأتي أسباب النزول لتخصصه وتبينه للناس بشكل أفصح وصورة أوضح. هذا بالإضافة إلى معرفة أسماء وسير الأشخاص الذين نزلت فيهم الآيات القرآنية وعلاقتهم بالنبي صلى الله عليه وسلم وبالصحابة الكرام وبأدوارهم التي لعبوها إيجابية كانت أو سلبية، وفي ذلك تنوير للمسلم وتطوير لثقافته عن تاريخ الإسلام والمسلمين.

بقلم: محمد الحياني

مشاركة هذا المقال:

تعليقات