إضاءات حول نُسك الإحرام

يُعتبر الإحرام أول مناسك الحج، ويُعرِّفه بعض العلماء على أنه النية بالدخول في النسك. لكن النية وحدها لا تكفي حسب البعض الاخر من العلماء كشيخ الاسلام ابن تيمية الذي يرى أنه بالإضافة إلى النية، يجب على الحاج الإتيان بقول أو عمل كي يصير محرما. وقد سمي هذا النسك إحراما، لتحريم الحاج على نفسه ما كان مباحا من قبل كالطِّيب وحلق الرأس وتقليم الأظافر والنكاح وغيرها.

وينقسم الإحرام إلى ثلاثة أنواع أساسية هي: إحرامٌ يرتبط بحج الإفراد، حيث يعقد المسلم النية على أداء الحج وحده ويحرم بذلك. وإحرام يرتبط بحج القران؛ حيث ينوي المسلم العمرة والحج فيحرم بهما معاً. وإحرام يرتبط بحج التمتع؛ حيث يقوم المسلم بالإحرام للعمرة ويعقد النية على أدائها وحدها في أشهر الحج.

وكغيره من نُسك الحج، يتميز الإحرام بقواعد معينة يُستحسن للمسلم اتباعها والالتزام بها ليكون أداءه لهذه الشعيرة الدينية على الوجه الصحيح. ومن هذه القواعد؛ الاغتسال للإحرام خاصة للمرأة الحائض والنفساء. ففي ذلك تطهير للجسم، وطرد للأوساخ، وإزالة للروائح الكريهة. كما يُستحب للمُحرِم التطيب بالمسك وماء الورد وغيرها، ويجب على الذكور التجرد من المخيط كالأقمصة والسراويل وتعويض ذلك بإزار أبيض ونظيف.

وتدخل هذه الأعمال في إطار التهييء للإحرام والاستعداد له، ولا تُعد إحراما في حد ذاتها. فالإحرام كما اتفق على ذلك أهل العلم، هو نية البدء في نسك الحج، لذلك لا يكون العبد مُحرِماً بمجرد التجرد من المخيط وارتداء ملابس الإحرام إذا لم يصاحب ذلك نية الدخول في النسك.

وعلى عكس ما يعتقده الكثيرون، لا يختص الإحرام بصلاة معينة، فإذا حدث تصادُف بين موعد الإحرام وتوقيت إحدى الصلوات المفروضة، يجوز للحجاج أن يؤدوا صلاة الفريضة ويُحرِموا بعدها مباشرة. فقد أورد العلامة الإسلامي الشهير ابن القيم الجوزية رحمه الله، أنه لم يُنقَل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى للإحرام ركعتين غير فريضة الظهر.

ومن الحجاج من يعتقد أن الإحرام لا يكون إلا من المساجد المبنية في الميقات، وهذا لا أصل له في الشرع، فالإحرام لا يقتصر على تلك المساجد فحسب، وإنما يتعداها ليشمل البقع المحيطة بها. لذلك يمكن للحجاج أن يُحرِموا من حيث تيسر لهم، دون مزاحمة إخوانهم. فالمساجد التي في المواقيت لم تكن موجودة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وليس الهدف من بناءها إحرام الناس منها، وإنما أُنشِأت لذكر الله وإقامة الصلاة.

بقلم: محمد رياض

مشاركة هذا المقال:

تعليقات