لمحات صحية من فوائد الصيام

أثبت الطب الحديث بما لا يدع مجالا للشك، أن الصيام ليس مجرد عملية إرادية تعبدية يقوم الفرد بأداءها بناء على رغباته وقناعاته الشخصية والإيديولوجية، بل هي ظاهرة طبيعية وفطرية تدخل في إطار الحاجات الأساسية التي يحتاجها الجسم لأداء وظائفه الحيوية بكفاءة عالية وجودة كبيرة. وليس غريبا أن تتطابق هذه المعلومات مع ما جاء في القرآن الكريم حول فريضة الصيام، حيث يقول الحق تعالى في كتابه الكريم: ﴿ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: 184].

فبالإضافة إلى مقاصده الروحية ومظاهره التعبدية في الإسلام، يمد الصيام الإنسان بفوائد صحية لا حصر لها، حيث يقوم بمساعدة الجسم على طرح السموم والتخلص من الخلايا التالفة من خلال تنشيط عمليتي الهدم والبناء، الأمر الذي يزيد من صحة الجسم وقوته بدل ضعفه وهزاله كما هو شائع لدى بعض الناس. كما يساعد الصيام في خفض نسبة تخزين الدهون في الجسم، والتقليل من نسبة السكريات في الدم، إضافة إلى تقوية الجهاز المناعي، وتعزيز العادات الغذائية الصحية.

وفي هذا الصدد، يؤكد الأطباء والباحثون أن جسم الإنسان معرض للسموم الموجودة في الماء والهواء وبعض الأطعمة غير الصحية. ومع توالي السنوات تتراكم تلك السموم ويكبر حجمها ويعجز الجسم عن التخلص منها، فتتحول إلى عبئ يثقل جسد الإنسان وتفكيره، ويشعره بالضعف والوهن والاضطراب. والصيام في هذه الحالة هو الحل الأمثل، لأن الامتناع المنتظم عن الأكل والشرب يساهم في التخلص من تلك السموم بدل تراكمها، ويساعد على تنظيف الجسم من الشوائب والفضلات.

كما يعمل الصيام على إراحة وتحسين أدوار الجهاز الهضمي، حيث يحصل هذا الأخير على فترات مهمة من الراحة مع استمرار وظائفه الفيسيولوجية الطبيعية بدرجات أقل. وبذلك، يرتفع إنتاج الطاقة بمعدلات تدريجية، ويتمكن الجسم من المحافظة على توازن السوائل في الجسم وثبات معدلات هضم الأطعمة والمأكولات الصحية على الخصوص.

كما يشير علماء التغذية إلى أن الصيام يساهم من جهة، في خفض كمية السعرات الحرارية المتناولة يوميا، ويساعد من جهة أخرى على تخلص الجسم من الشحوم الزائدة والدهون و النفايات السامة والأنسجة التالفة، الأمر الذي يقوي عملية الهضم الآلي للمواد المسببة للبدانة، وبالتالي إنقاص الوزن الزائد وتمكين الصائم من جسم صحي وسليم، شريطة الالتزام بشروط شهر رمضان الصحية كالاعتدال في الأكل وزيادة الحركة والابتعاد عن كثرة النوم والكسل.

ومن الفوائد الصحية للصيام كذلك، مساعدته على رفع إنتاج الجلوكوز عبر عملية تكسير الجليكوجين وإنتاج الطاقة وتقليص إنتاج الأنسولين، وبالتالي إراحة أعضاء الجسم كالمعدة والأمعاء والكبد والمرارة والبنكرياس، الأمر الذي يمنح هذه الأخيرة فرصة التفرغ لعملية تنقية الجهاز الدموي من المواد الضارة الناتجة عن العمل المتواصل لملايين الخلايا في جسم الإنسان.

بالإضافة إلى ذلك، تشير الأبحاث العلمية إلى الدور الكبير الذي يلعبه الصيام في تعزيز العادات الغذائية الصحية، من خلال مساعدته بشكل عجيب في تقليل الشهية تجاه تناول الأطعمة الجاهزة والمعلبة، وتحفيز الرغبة في تناول الأطعمة الصحية الطبيعية كالماء والخضر والفواكه.

وعلى الرغم من وجود عدد من الأنظمة العلاجية التى تساعد في علاج حالات الإدمان عبر العالم، فقد أكدت الدراسات العلمية الحديثة على الدور الفعال الذي يلعبه الصيام لفترات طويلة ومنتظمة في مواجهة ظاهرة الإدمان على النيكوتين والكافيين وغيرها. فمع الوقت، يتعلم الصائم مقاومة رغباته الجامحة في تلك المواد، ويتعود جسمه على كبح جماجها.

فسبحان الله الذي سن لنا شهر رمضان وفرض فيه الصيام والقيام، وطوبى لمن عرف قدره وجنى ثماره الروحية والصحية. فقد ورد في حديثٍ رواه النسائي عن أبي أمامة أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: (مُرْنِي بِأَمْرٍ آخُذُهُ عَنْكَ قَالَ: " عَلَيْكَ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَا مِثْلَ لَهُ "). وقال صلى الله عليه وسلم فيما رواه الطبراني: (صُومُوا تَصِحُّوا).

بقلم: محمد رياض

مشاركة هذا المقال:

تعليقات