أحكام الإفاضة إلى المزدلفة

تُعد المزدلفة ثالث المشاعر المقدسة، وتدخل الإفاضة إليها ضمن المناسك المهمة للحج، وتشكل هذه البقعة محطة هامة في الرحلة الإيمانية لحجاج بيت الله الحرام حيث يبيتون فيها بعد نفرتهم من عرفات. ويرجع أصل تسميتها لنزول الحجاج بها في زلف الليل، وقد ذُكِرتْ في القرآن الكريم باسم المشعر الحرام في قوله تعالى: [فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام].

حُكم المبيت بالمزدلفة

اختلف أهل العلم في حُكم المبيت بالمزدلفة، حيث يرى فقهاء الشافعية والحنابلة أن المبيت بها واجب من واجبات الحج من تركه لزمه الدم. أما الحنفية وأتباعهم فيرون أن المبيت بالمزدلفة سُنّة حميدة يُثاب فاعلها ولا يجب شيء على تاركِها، وهو رأي يتقاسمه معهم فقهاء المالكية الذين يرون أن المبيت بها سُنّة، لكنهم يعتقدون في نفس الوقت أن النزول بها واجب.

صِفة الإفاضة إلى المزدلفة

تبدأ شعائر الإفاضة إلى المزدلفة بعد غروب شمس يوم عرفة، حيث يغادر حجاج بيت الله الحرام جبل عرفات نحو المزدلفة ذاكرين الله في طريقهم ومستبشرين بفضله عليهم ونعمته. وبعد النزول بها يُصَلُّون المغرب والعشاء جمعا بأذان واحد، ثم يجمعون سبعين حصاة استعدادا لرمي الجمرات. ويُحْيون الليل بالذكر والدعاء و تلاوة القرآن إلى أن يُسفر الصبح بشكل جيد، فينطلقون قبل شروق الشمس مُفيضِينَ إلى مِنى.

مكان الوقوف بالمزدلفة

يُقصد بالوقوف في المزدلفة المكوث بها لفترة من الوقت، ويرى أهل العلم بجواز الوقوف في كل بقعة منها عدا منطقة وادي محسر وضواحيه، وقد استنبطوا هذا الحكم من قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف الذي أخرجه الطبراني: (كل مزدلفة موقف وارفعوا عن محسر).

مدة الوقوف بالمزدلفة

اختلف العلماء قديما وحديثا في المدة الشرعية التي يجب على حجاج بيت الله الحرام قضاؤها بالمزدلفة، حيث يرى فقهاء المالكية أن المكوث بالمزدلفة إلى ما بعد صلاة المغرب والعشاء كافٍ شرعا ويفي بالغرض، لكن فقهاء الحنابلة والشافعية يرون عكس ذلك ويشيرون إلى عدم جواز مغادرة المزدلفة قبل منتصف الليل.

مُستحبات الوقوف بالمزدلفة

يُستحب لحجاج بيت الله الحرام أداء صلاة الصبح بالمزدلفة في أول وقتها، والذهاب بعد ذلك إلى جبل قزح بالمشعر الحرام حيث يقفون عنده مستقبِلين القبلة، فيُكبّرون الله ويُهللون ويدعونه بما شاؤوا. كما يُستحب لهم التقاط سبعين حصاة من المزدلفة استعدادا لرمي الجمرات. ويُستحسن لهم الجمع بين صَلاتَيْ المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين، إضافة إلى إحياء ليلتهم في المزدلفة بالعبادة والدعاء وتلاوة القرآن الكريم.

بقلم: محمد رياض

مشاركة هذا المقال:

تعليقات