تعتبر الدنيا دار عمل وامتحان من أجل النجاح في الآخرة دار الجزاء، وحتى يكون الجزاء خيرا ومرضيا، ينبغي على العبد إتقان العمل و الإخلاص في أدائه، لقوله تعالى في كتابه الكريم "الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أَيكم أحسن عملا وهو العزِيز الغفور" سورة الملك الآية: 2، إذ يعد الإخلاص في العمل، والابتغاء من أدائه رضا الله تعالى، أساس الفلاح والنجاح في الدنيا والآخرة.
في هذا الإطار، تعتبر مفردة الإخلاص، كلمة مشتقة من فعل خلص، أي صفا الشيء وزالت عنه كل الشوائب، وإذا ما ربطنا هذا المعنى بالعمل، سنجد أن العمل الخالص، هو العمل الخال من الرياء والأنانية، أو نية التفاخر أمام الناس، كما قال العز بن عبد السلام : "الإخلاص أن يفعل المكلف الطاعة خالصة لله وحده، لا يريد بها تعظيما من الناس ولا توقيرا، ولا جلب نفع ديني، ولا دفع ضرر دنيوي". وهو المعنى الذي نجده يتكرر كثيرا في العديد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، كقوله تعالى "وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلِصِين له الدين حنَفاء ويقِيمُوا الصلَاة ويؤتوا الزكَاة وذلك دين القَيمَةِ" سورة البينة الآية 5.
عند الوقوف على آيات كتاب الله وأحاديث سنة نبيه، نجد أن كلمة الإخلاص دائما تأتي في صيغة الأمر، ومن المعلوم أن ما أمرنا الله ورسوله بشيء إلا والخير فيه، في هذا السياق نجد أن فضل الإخلاص في العمل واستحضار مراقبة الله في أدائه يكون في الدنيا قبل الآخرة، فإلى جانب كسب الثواب والنجاة من عذاب الآخرة، يضمن لنا الإخلاص في العمل جودة هذا الأخير ونجاحه، وذلك في جميع المجالات، الاقتصادية، الاجتماعية والسياسية وغيرها، وهو ما سينعكس إيجابا على تقدم المجتمع وتطوره.
يعتبر تقدم المجتمع رهينا بنجاح وتقدم أفراده، بالتالي عند إخلاص العبد في عمله، فذلك يعود بالنفع عليه هو أولا قبل باقي أفراد المجتمع، لقول الرسول الكريم مخاطبا سعد بن أبي وقاص "يا سعد، إنك لن تخلف فتعمل عملا تبتغي به وجه الله تعالى، إلا ازددت به خيرا ودرجة ورفعة".
و بصفة عامة، الأعمال هي الميزان الذي يفضل به الله عبدا عن آخر لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأَعمالكم"، وهو ما يستوجب ضرورة تحري الإخلاص والصدق فيها، وإذا ما التزم كل فرد بذلك، فالأكيد أن المجتمع سيكون النجاح حليفه.
بقلم: محمد الحياني
تعليقات