في العاشر من شهر ذي الحجة من كل سنة، يضرب المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها موعدا مع واحد من أهم الأعياد الدينية في الإسلام. يتعلق الأمر بعيد الأضحى المبارك الذي تبدأ الاستعدادات المادية والمعنوية له قبل بضعة أيام أو أشهر في بعض الأحيان. استعدادات أولها التهييء النفسي للقيام بالأعمال الصالحة من صلاة وتسبيح وصدقة وغيرها، وثانيها ادخار بعض المال لاقتناء الأضحية ولوازمها وشراء الملابس والهدايا، وثالثها إعادة ترتيب المنزل وإعداده لاستقبال الضيوف واستيعاب الحركة الدائبة التي تميز أجواء هذه المناسبة العظيمة.
ومع حلول أول أيام عيد الأضحى في الدول العربية والإسلامية على الخصوص، يستيقظ أفراد الأسرة باكرا وينطلقون لأداء صلاة العيد في المصليات بالهواء الطلق أو في المساجد حسب الظروف المناخية والتنظيمية لكل بلد. وصلاة العيد ركعتان يؤديهما المسلمون خلف الإمام صبيحة العيد، فيُكَبرون سبع تكبيرات في الركعة الأولى وخمس في الثانية، ثم يجلسون للاستماع لخطبة العيد بخشوع واطمئنان. بعدها يتبادلون التهاني والتبريكات، ويعودون إلى بيوتهم لذبح أضحياتهم وأضحيات أهلهم وجيرانهم مصداقا لقوله تعالى في سورة الكوثر: {إنا أعطيناك الكوثر، فصلّ لربك وانحر}. وتُخصَّص باقي أيام العيد للتكبير والتسبيح والاستغفار وصلة الرحم وزيارة المرضى والتصالح بين المتخاصمين وغيرها.
وتمتد طقوس عيد الأضحى في العالم الإسلامي على مدى أربعة أيام هي يوم النحر وأيام التشريق، فتنشرح الصدور لهذه المناسبة العظيمة، وتفرح الأنفس لمَقْدَمِها السعيد، وتغمر البهجة والسعادة قلوب الصغار والكبار. فتتحول البيوت إلى فضاءات للتجمعات العائلية الكبيرة، وتتزين الموائد بأشهى الأكلات والوجبات، وتطرق الفرحة أبواب الفقراء والمساكين بصدقات إخوانهم وتضامن جيرانهم وأصحابهم، وكل ذلك من صميم هذا العيد المبارك، ومن ثمراته النفسية والروحية، فالفرح والابتهاج بأعياد الله لا حرج فيه بل مطلوب، والاجتهاد فيها بالأعمال الصالحة محمود ومرغوب.
وبالإضافة إلى أجواء الفرح التي ينشرها عيد الأضحى بين المسلمين، تحمل هذه المناسبة الدينية بين ثناياها فوائد روحية واجتماعية واقتصادية عظيمة؛ فـعلى الصعيد الروحي، ينال المسلم ثواب الصلاة والتكبير والتسبيح، ويفوز بأجر الأضحية وجزاء التصدق منها على الفقراء والمساكين. وعلى الصعيد الاجتماعي، يتعزز التقارب بين المسلمين بفضل صلة الرحم وتبادل الزيارات وإنهاء المخاصمات والمشاحنات، ويسود التآزر والتضامن فيما بينهم بفضل الصدقات وتبادل الهدايا. وعلى الصعيد الاقتصادي، تنشط الحركة التجارية ويكثر الإقبال على أسواق المواشي والملابس وغيرها، فترتفع مداخيل الباعة والتجار وتتحرك عجلة الاقتصاد، وفي ذلك خير للبلاد والعباد.
بقلم: محمد رياض
تعليقات