طواف الوداع .. الحلقة الأخيرة لمناسك الحج

طواف الوداع هو الحلقة الأخيرة من سلسلة مناسك الحج، وآخر ما يقوم به الحجاج خلال مقامهم بالمشاعر المقدسة. فبعد الإحرام، والطواف، والسعي بين الصفا والمروة، والوقوف بعرفة، والإفاضة إلى المزدلفة، و التوجه إلى منى، يضرب الحجاج موعدا روحيا مع الكعبة المشرفة فيزورونها للمرة الأخيرة، ويطوفون حولها لِيُلْقوا عليها نظرة الوداع.

حُكم طواف الوداع

يرى الكثير من العلماء أن طواف الوداع واجب على كل حاج وحاجة، ولا يخالفهم في هذا الرأي سوى علماء المالكية الذين يعتبرونه سُنّة وليس واجبا. والواقع أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر تاركه بأي نوع من الكفّارات، ولكن ثبت عنه أنه رخص للحائض بمغادرة مكة دون طواف الوداع. والراجح لدى أهل العلم -مما سبق- أن طواف الوداع سُنَّة مؤكدة لا يجب تركها دون عذر شرعي، فإن كان هناك عذر تُرِكَت دون كفارة.

وقت طواف الوداع

بعد استكمال أعمال مِنى وأداء مختلف شعائرها، يدخل حجاج بيت الله الحرام إلى مكة في آخر الليل بعد المبيت في المحصب. فإذا كانوا ينوون السفر في ذاك اليوم أدوا طواف الوداع فورا على سبيل التعجيل، وفي حالة العكس أَخَّروه إلى آخر يوم لهم في مكة، ليكون طواف الوداع بمثابة النظرة الأخيرة لهم قبل العودة إلى الديار.

صفة طواف الوداع

يكون طواف الوداع على هيئة طواف الإفاضة، حيث يستقبل الحجاج الحجر الأسود فيُقبلونه إن استطاعوا أو يلمسونه بأيديهم أو يُلوحون له من بعيد. ثم يطوفون جاعلين الكعبة عن يسارهم فيمرون على الركن اليماني وصولا إلى ركن الحَجَر الأسود. ويكررون ذلك إلى أن يكملوا سبعة أشواط. ثم يصلون ركعتي الطواف، ويدعون بما شاؤوا. وبعد إتمام الطواف، عليهم عدم الانشغال بشيء آخر غير السفر، فإن أَخَّروا السفر لسبب من الأسباب، وجب عليهم إعادة الطواف عملا بقول النبي الكريم: (لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت).

حِكمة طواف الوداع

الحج تلبية لنداء الله وزيارةٌ لبيته الحرام، لذلك ومن باب تعظيم شعائر الله وحُسن الأدب معه سبحانه وتعالى أن لا يغادر الحجاج بيته العظيم قبل أن يستأذنوه، وأن لا يودعوا مقامه الجليل قبل أن يشكروه. ولا يتم ذلك إلا بطواف الوداع الذي هو خير استئذان من الله تعالى، وأحسن شكر له سبحانه على نعمة الحج. فطواف الوداع هو آخر عهد الحجاج بالبيت الحرام الذي تظل صورته عالقة في أذهانهم، تسلي نفوسهم بعد العودة للديار، وتثبت أفئدتهم على طاعة الرحمان.

بقلم: محمد رياض

مشاركة هذا المقال:

تعليقات