من الأسئلة الشائعة في مجال الحلال والحرام في الطعام موضوع لحم الخنزير والحكمة من تحريمه. وللإجابة عن هذا السؤال نقدم لكم ثلة من أقوال أهل العلم وآراءهم.
وقبل الخوض في الحكمة من تحريم لحم الخنزير، لا بد من التذكير بأن علماء المسلمين يُجمعون على هذا التحريم مستدلين على ذلك من القرآن الكريم بقوله تعالى: [إنما حرَّم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير] وقوله تعالى: [قُل لا أجد في ما أوحي إلي مُحَرَّمًا على طاعم يَطْعَمُهُ إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خِنزِير فانه رجس]. ومن السنة النبوية يستدلون بالحديث المتفق عليه: (إن الله ورسوله حرَّم بيع الخمر، والميتة، والخنزير، والأصنام).
وعن سبب تحريم لحم الخنزير، يرى فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله، أن الحكمة من تحريم لحم الخنزير هي كونه رجس نجس مضر بالانسان في دينه وبدنه. وفي هذا الإطار، يقول فضيلته في تسجيل صوتي على اليوتوب إن الله عز وجل هو الخالق والعالم بما في مخلوقاته من الأضرار والمنافع، فاذا قال لنا إنه حرم الخنزير لأنه رجس علمنا أن هذه الرجسية ضارة لنا في ديننا وأبداننا وحينئذ نقول لكل إنسان سأل عن الحكمة من تحريم لحم الخنزير إنه رجس ضار بالبدن وبالدين.
من جانبه، يرى فضيلة الشيخ عبد العزيز ابن باز رحمه الله في الفتوى المنشورة على موقعه الالكتروني أن الحكمة في تحريم الخنزير تعود لما يتصف به من القذارة التي تصاحبها الأضرار والأمراض المادية والمعنوية التي أثبت الطب بعضها وما خفي أعظم؛ ويضيف فضيلته أن أشهى غذاء الخنزير هي القاذورات والنجاسات، وهو بذلك ضار في جميع الأقاليم، ولاسيما الحارة كما ثبت بالتجربة، وأكل لحمه من أسباب وجود الدودة الوحيدة القاتلة.
وفي نفس التوجه، يرى فضيلة الشيخ محمد راتب النابلسي في الفتوى المنشورة على موقعه الالكتروني أنَّ الله سبحانه وتعالى لم يحرم أكلَ لحم الخنزير، إلا لحِكَمٍ لا حصر لها. وفي هذا السياق يقول فضيلته إن تحريم الخنزير راجع لاجتماع الطبائع والعادات القبيحة فيه، كالغباوة، والقذارة، وسوء الخلق. ويضيف أن أمراضاً كثيرة، وديداناً خطيرة، تعيش في خلايا الخنزير، وفي ثنايا لحمه، وهذه الديدان محصنةٌ بحيث لو أنَّ هذا اللحم طُبخ طبخاً عادياً، أو شُوِيَ شيَّاً سطحياً، فإن هذه اليرقات لا تموت، وهي بذلك ضرر وخطر على صحة الإنسان وسلامته.
يرى سيد قطب رحمه الله أنه سواء وصل العلم البشري إلى الحكمة من تحريم لحم الخنزير أم لم يصل، فقد قرر العلم الإلهي أن هذا اللحم رجس غير طيب، وهذا وحده يكفي، فالله لا يُحرِّم إلا الخبائث، وإلا ما يؤذي الحياة البشرية في جانب من جوانبها؛ سواء علِم الناس بهذا الأذى، أو جهِلوه. وقد نقل ابن كثير رحمه الله عن بعض أهل العلم قوله: "فكل ما أحل الله تعالى من المآكل طيِّب نافع في البدن والدين، وكل ما حرَّمه، فهو خبيث ضارٌّ في البدن والدين"، وتلك قمة الحكمة ومنتهى التعليل.
والله تعالى أعلم.
بقلم: محمد الحياني
تعليقات