النفاق صفة مذمومة لا تتماشى مع الفطرة الإنسانية السليمة ولا مع الأخلاق الإسلامية الحميدة. والمنافقون أُناسٌ ضعفاء الشخصية مريضوا النفسية لا يثبتون على موقف ولا يستقرون على مبدإ وغالبا ما يُظهرون عكس ما يكتمون. والمتأمل لحالهم يحار في فهمهم لأنهم تارةً مع المؤمنين وتارةً مع الكافرين حسب ما تقتضيه مصالحهم الضيقة ونزعاتهم المضطربة. وقد ذكر القرآن الكريم النفاق والمنافقين في أكثر من سبع وثلاثين آية. ومما يروى عن الصحابة والتابعين من بعدهم أنهم كانوا يخافون على أنفسهم من النفاق رغم إيمانهم وتقواهم.
والنفاق حسب أهل العلم نوعان، الأول نفاق اعتقادي يؤمن صاحبه بما يُخالف الإسلام جملةً وتفصيلا رغم إظهاره عكس ذلك مصداقا لقوله تعالى: [ومن الناس من يقول آمَنَّا بالله وباليوم الآخِرِ وما هم بمؤمنين، يخادعون الله والذين آمنوا وما يَخْدَعُونَ إلا أنفسهم وما يشعرون]. أما النوع الثاني فيسمى بالنفاق العملي أي أن المسلم يعمل بخصلة من خصال النفاق رغم إيمانه بالله ورسوله وحبه للإسلام والمسلمين وعمله بالأركان الخمسة وزيادة. فهذا النفاق أهون لأنه يسقط صاحبه في المعصية ولا يخرجه من الملة.
والنفاق كغيره من السلوكات له صفات وعلامات. ومن ذلك ما رواه البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أربعٌ من كُنَّ فيه كان منافقًا خالصًا، ومَنْ كانتْ فيه خصلةٌ منهن كانتْ فيه خصلةٌ مِنَ النفاق حتى يدَعَها: إذا حدَّث كذَب، وإذا وَعدَ أخْلف، وإذا اؤتمنَ خَان، وإذا خاصمَ فجَر). كما روى مسلم أن النبي الكريم قال: (آيةُ المنافِق ثلاث: إذا حدَّثَ كذَب، وإذا وَعَدَ أخْلف، وإذا اؤتمن خان). وقد استنبط أهل العلم علامات كثيرة للنفاق من الكتاب والسنة كالغدر، والرياء، والإنفاق كرهاً، والاعتراض على أقدار الله، ومخالفة الظاهر للباطن، وغيرها.
ورغم ما للنفاق من أخطار على المجتمع وتماسكه، ورغم توعد الله للمنافقين بأشد أنواع العقاب، فقد جعل سبحانه وتعالى باب التوبة مفتوحا أمامهم فقال في كتابه الكريم: [إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيراً، إلا الَّذِينَ تابوا وأصلَحوا واعتصموا بالله وأخلَصوا دينهم لله فأولئك مع المؤمنين وسوف يُؤتِ اللهُ المؤمنين أجراً عظيما]. فمن ابتُليَ بالنفاق أو بخصلة منه فعليه بالتوبة فورا وليَدْعُ الله أن يقيه من النفاق وما جاوره إسوة بالنبي الكريم الذي كان يقول: (اللهم إني أعوذُ بك من النِّفاق والشِّقاقِ وسوءِ الأخلاق).
بقلم: زينب غيلان
تعليقات