سورة البقرة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ

الم [١]

تفسير الأية 1: تفسير الجلالين

{الم} الله أعلم بمراده بذلك.

ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ [٢]

تفسير الأية 2: تفسير الجلالين

{ ذلك } أي هذا { الكتاب } الذي يقرؤه محمد { لا ريب } لا شك { فيه } أنه من عند الله وجملة النفي خبر مبتدؤه ذلك والإشارة به للتعظيم { هدىً } خبر ثان أي هاد { للمتقين } الصائرين إلى التقوى بامتثال الأوامر واجتناب النواهي لاتقائهم بذلك النار.

الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ [٣]

تفسير الأية 3: تفسير الجلالين

{ الذين يؤمنون } يصدِّقون { بالغيب } بما غاب عنهم من البعث والجنة والنار { ويقيمون الصلاة } أي يأتون بها بحقوقها { ومما رزقناهم } أعطيناهم { ينفقون } في طاعة الله.

وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ [٤]

تفسير الأية 4: تفسير الجلالين

{ والذين يؤمنون بما أنزل إليك } أي القراَن { وما أنزل من قبلك } أي التوراة والإنجيل وغيرهما { وبالآخرة هم يوقنون } يعلمون.

أُولَٰئِكَ عَلَىٰ هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [٥]

تفسير الأية 5: تفسير الجلالين

{ أولئك } الموصوفون بما ذكر { على هدىّ من ربِّهم وأولئك هم المفلحون } الفائزون بالجنة الناجون من النار.

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ [٦]

تفسير الأية 6: تفسير الجلالين

. { إن الذين كفروا } كأبي جهل وأبي لهب ونحوهما { سواء عليهم أأنذرتهم } بتحقيق الهمزتين وإبدال الثانية ألفاً وتسهيلها وإدخال ألف بين المسهلة والأخرى وتركه { أم لم تنذرهم لا يؤمنون } لعلم الله منهم ذلك فلا تطمع في إيمانهم، والإنذار إعلام مع تخويف.

خَتَمَ اللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَعَلَىٰ سَمْعِهِمْ وَعَلَىٰ أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ [٧]

تفسير الأية 7: تفسير الجلالين

{ ختم الله على قلوبهم } طبع عليها واستوثق فلا يدخلها خير { وعلى سمعهم } أي مواضعه فلا ينتفعون بما يسمعونه من الحق { وعلى أبصارهم غشاوة } غطاء فلا يبصرون الحق { ولهم عذاب عظيم } قوي دائم.

وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ [٨]

تفسير الأية 8: تفسير الجلالين

ونزل في المنافقين: { ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر } أي يوم القيامة لأنه آخر الأيام { وما هم بمؤمنين } روعي فيه معنى من، وفي ضمير يقول لفظها.

يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ [٩]

تفسير الأية 9: تفسير الجلالين

{ يخادعون الله والذين آمنوا } بإظهار خلاف ما أبطنوه من الكفر ليدفعوا عنهم أحكامه الدنيوية { وما يخدعون إلا أنفسهم } لأن وبال خداعهم راجع إليهم فيفتضحون في الدنيا بإطلاع الله نبيه على ما أبطنوه ويعاقبون في الآخرة { وما يشعرون } يعلمون أن خداعهم لأنفسهم، والمخادعة هنا من واحد كعاقبت اللص وذكر الله...

فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ [١٠]

تفسير الأية 10: تفسير الجلالين

{ في قلوبهم مرض } شك ونفاق فهو يمرض قلوبهم أي يضعفها { فزادهم الله مرضاً } بما أنزله من القرآن لكفرهم به { ولهم عذاب أليم } مؤلم { بما كانوا يُكذّبوِن } بالتشديد أي: نبي الله، وبالتخفيف أي قولهم آمنا.

وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ [١١]

تفسير الأية 11: تفسير الجلالين

{ وإذا قيل لهم } أي لهؤلاء { لا تفسدوا في الأرض } بالكفر والتعويق عن الإيمان. { قالوا إنما نحن مصلحون } وليس ما نحن فيه بفساد . قال الله تعالى رداً عليهم.

أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَٰكِنْ لَا يَشْعُرُونَ [١٢]

تفسير الأية 12: تفسير الجلالين

{ ألا } للتنبيه { إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون } بذلك.

وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَٰكِنْ لَا يَعْلَمُونَ [١٣]

تفسير الأية 13: تفسير الجلالين

{ وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس } أصحاب النبي { قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء } الجهال أي لا نفعل كفعلهم. قال تعالى ردا َعليهم: { ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون } ذلك.

وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَىٰ شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ [١٤]

تفسير الأية 14: تفسير الجلالين

{ وإذا لقوا } أصله لقيوا حذفت الضمة للاستثقال ثم الياء لالتقائها ساكنة مع الواو { الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا } منهم ورجعوا { إلى شياطينهم } رؤسائهم { قالوا إنا معكم } في الدين { إِنَّما نحن مستهزئون } بهم بإظهار الإيمان.

اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ [١٥]

تفسير الأية 15: تفسير الجلالين

{ الله يستهزئ بهم } يجازيهم باستهزائهم { ويمدهم } يُمهلهم { في طغيانهم } بتجاوزهم الحد بالكفر { يعمهون } يترددون تحيراً حال.

أُولَٰئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَىٰ فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ [١٦]

تفسير الأية 16: تفسير الجلالين

{ أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى } أي استبدلوها به { فما ربحت تجارتهم } أي ما ربحوا فيها بل خسروا لمصيرهم إلي النار المؤبدة عليهم { وما كانوا مهتدين } فيما فعلوا.

مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ [١٧]

تفسير الأية 17: تفسير الجلالين

{ مثلهم } صفتهم في نفاقهم { كمثل الذي استوقد } أوقد { ناراً } في ظلمة { فلما أضاءت } أنارت { ما حوله } فأبصر واستدفأ وأمن مما يخافه { ذهب الله بنورهم } أطفأه وجُمع الضمير مراعاة لمعنى الذي { وتركهم في ظلمات لا يبصرون } ما حولهم متحيرين عن الطريق خائفين فكذلك هؤلاء أمِنوا بإظهار كلمة الإيمان فإذا...

صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ [١٨]

تفسير الأية 18: تفسير الجلالين

هم { صمٌّ } عن الحق فلا يسمعونه سماع قبول { بكم } خرس عن الخير فلا يقولونه { عميٌ } عن طريق الهدى فلا يرونه { فهم لا يرجعون } عن الضلالة.

أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ [١٩]

تفسير الأية 19: تفسير الجلالين

{ أو } مثلهم { كصيِّب } أي كأصحاب مطر وأصله صيوب من صاب يصوب أي ينزل { من السماء } السحاب { فيه } أي السحاب { ظلمات } متكاثفة { ورعد } هو الملك الموكَّل به وقيل صوته { وبرق } لمعان صوته الذي يزجره به { يجعلون } أي أصحاب الصيِّب { أصابعهم } أي أناملها { في آذانهم من } أجل { الصواعق } شدة صوت الرعد...

يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [٢٠]

تفسير الأية 20: تفسير الجلالين

{ يكاد } يقرب { البرق يخطف أبصارهم } بأخذها بسرعة { كلما أضاء لهم مشوا فيه } أي في ضوئه { وإذا أظلم عليهم قاموا } وقفوا، تمثيل لإزعاج ما في القرآن من الحجج قلوبهم وتصديقهم لما سمعوا فيه مما يحبون ووقوفهم عما يكرهون. { ولو شاء الله لذهب بسمعهم } بمعنى أسماعهم { وأبصارهم } الظاهرة كما ذهب بالباطنة...

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [٢١]

تفسير الأية 21: تفسير الجلالين

{ يا أيُّها الناس } أي أهل مكة { اعبدوا } وحِّدوا { ربَّكم الذي خلقكم } أنشأكم ولم تكونوا شيئاً { و } خلق { الذين من قبلكم لعلكم تتقون } بعبادته عقابَه، ولعل : في الأصل للترجي، وفي كلامه تعالى للتحقيق.

الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [٢٢]

تفسير الأية 22: تفسير الجلالين

{ الذي جعل } خلق { لكم الأرض فراشا } حال بساطا يفترش لا غاية في الصلابة أو الليونة فلا يمكن الاستقرار عليها { والسماء بناءً } سقفاً { وأنزل من السماء ماءً فأخرج به من } أنواع { الثمرات رزقاً لكم } تأكلونه وتعلفون دوابكم { فلا تجعلوا لله أنداداً } شركاء في العبادة { وأنتم تعلمون } أنه الخالق ولا...

وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ [٢٣]

تفسير الأية 23: تفسير الجلالين

{وإن كنتم في ريب} شك {مما نزلنا على عبدنا} محمد من القرآن أنه من عند الله {فأتوا بسورة من مثله} أي المنزل ومن للبيان أي هي مثله في البلاغة وحسن النظم والإخبار عن الغيب . والسورة قطعة لها أول وآخر أقلها ثلاث آيات {وادعوا شهداءكم" آلهتكم التي تعبدونها }من دون الله} أي غيره لتعينكم {إن كنتم صادقين}...

فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ [٢٤]

تفسير الأية 24: تفسير الجلالين

{ فإن لم تفعلوا } ما ذكر لعجزكم { ولن تفعلوا } ذلك أبداً لظهور إعجازه- اعتراض { فاتقوا } بالإيمان بالله وانه ليس من كلام البشر { النارَ التي وقودها الناس } الكفار { والحجارة } كأصنامهم منها، يعني أنها مفرطة الحرارة تتقد بما ذكر، لا كنار الدنيا تتقد بالحطب ونحوه { أعدَّت } هُيئت { للكافرين }...

00:00