سورة الجن

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ

قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا [١]

تفسير الأية 1: تفسير الجلالين

{ قل } يا محمد للناس { أُحي إليَّ } أي أخبرت بالوحي من الله تعالى { أنه } الضمير للشأن { استمع } لقراءتي { نفر من الجن } جن نصيبين وذلك في صلاة الصبح ببطن نخل، موضوع بين مكة والطائف، وهم الذين ذكروا في قوله تعالى (وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن) الآية { فقالوا } لقومهم لما رجعوا إليهم { إنا سمعنا...

يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا [٢]

تفسير الأية 2: تفسير الجلالين

{ يهدي إلى الرشد } الإيمان والصواب { فآمنا به ولن نشرك } بعد اليوم { بربنا أحدا } .

وَأَنَّهُ تَعَالَىٰ جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا [٣]

تفسير الأية 3: تفسير الجلالين

{ وأنه } الضمير للشأن فيه وفي الموضعين بعده { تعالى جد ربنا } تنزه جلاله وعظمته عما نُسب إليه { ما اتخذ صاحبة } زوجة { ولا ولدا } .

وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا [٤]

تفسير الأية 4: تفسير الجلالين

{ وأنه كان يقول سفيهنا } جاهلنا { على الله شططا } غلوا في الكذب بوصفه بالصاحبة والولد.

وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا [٥]

تفسير الأية 5: تفسير الجلالين

{ وأنا ظننا أن } مخففة، أي أنه { لن تقول الإنس والجن على الله كذبا } بوصفه بذلك حتى تبينا كذبهم بذلك قال تعالى:

وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا [٦]

تفسير الأية 6: تفسير الجلالين

{ وأنه كان رجال من الإنس يعوذون } يستعيذون { برجال من الجن } حين ينزلون في سفرهم بمخوف فيقول كل رجل أعوذ بسيد هذا المكان من شر سفهائه { فزادوهم } بعوذهم بهم { رهقا } فقالوا سدنا الجن والإنس.

وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا [٧]

تفسير الأية 7: تفسير الجلالين

{ وأنهم } أي الجن { ظنوا كما ظننتم } يا إنس { أن } مخففة من الثقيلة، أي أنه { لن يبعث الله أحدا } بعد موته.

وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا [٨]

تفسير الأية 8: تفسير الجلالين

قال الجن { وأنا لمسنا السماء } رمنا استراق السمع { فوجدناها ملئت حرسا } من الملائكة { شديدا وشهبا } نجوما محرقة وذلك لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم.

وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا [٩]

تفسير الأية 9: تفسير الجلالين

{ وأنا كنا } أي قبل مبعثه { نقعد منها مقاعد للسمع } أي نستمع { فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا } أرصد له ليرمى به.

وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا [١٠]

تفسير الأية 10: تفسير الجلالين

{ وأنا لا ندري أشر أُريد } بعد استراق السمع { بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا } خيرا.

وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَٰلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا [١١]

تفسير الأية 11: تفسير الجلالين

{ وأنا منا الصالحون } بعد استماع القرآن { ومنا دون ذلك } أي قوم غير صالحين { كنا طرائق قددا } فرقا مختلفين مسلمين وكافرين.

وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَبًا [١٢]

تفسير الأية 12: تفسير الجلالين

{ وأنا ظننا أن } مخففة من الثقيلة أي أنه { لن نعجز الله في الأرض ولن نعجزه هربا } لا نفوته كائنين في الأرض أو هاربين منها في السماء.

وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَىٰ آمَنَّا بِهِ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ بَخْسًا وَلَا رَهَقًا [١٣]

تفسير الأية 13: تفسير الجلالين

{ وأنا لما سمعنا الهدى } القرآن { آمنا به فمن يؤمن بربه فلا يخاف } بتقدير هو { بخسا } نقصا من حسناته { ولا رهقا } ظلما بالزيادة في سيئاته.

وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَٰئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا [١٤]

تفسير الأية 14: تفسير الجلالين

{ وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون } الجائرون بكفرهم { فمن أسلم فأولئك تحروْا رشدا } قصدوا هداية.

وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا [١٥]

تفسير الأية 15: تفسير الجلالين

{ وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا } وقودا وأنا وأنهم وأنه في اثني عشر موضعا هي وأنه تعالى وأنا منا المسلمون وما بينهما بكسر الهمزة استئنافا وبفتحها بما يوجه به.

وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا [١٦]

تفسير الأية 16: تفسير الجلالين

قال تعالى في كفار مكة { وأنْ } مخففة من الثقيلة واسمها محذوف، أي وأنهم وهو معطوف على أنه استمع { لو استقاموا على الطريقة } أي طريقة الإسلام { لأسقيناهم ماء غدقا } كثيرا من السماء وذلك بعد ما رفع المطر عنهم سبع سنين.

لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا [١٧]

تفسير الأية 17: تفسير الجلالين

{ لنفتنهم } لنختبرهم { فيه } فنعلم كيف شكرهم علم ظهور { ومن يعرض عن ذكر ربه } القرآن { نسلكه } بالنون والياء ندخله { عذابا صعدا } شاقا.

وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا [١٨]

تفسير الأية 18: تفسير الجلالين

{ وأن المساجد } مواضع الصلاة { لله فلا تدعوا } فيها { مع الله أحدا } بأن تشركوا كما كانت اليهود والنصارى إذا دخلوا كنائسهم وبيعهم أشركوا.

وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا [١٩]

تفسير الأية 19: تفسير الجلالين

{ وأنه } بالفتح والكسر استئنافا والضمير للشأن { لما قام عبد الله } محمد النبي صلى الله عليه وسلم { يدعوه } يعبده ببطن نخل { كادوا } أي الجن المستمعون لقراءته { يكونون عليه لبدا } بكسر اللام وضمها جمع لبدة كاللبد في ركوب بعضهم بعضا ازدحاما حرصا على سماع القرآن.

قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا [٢٠]

تفسير الأية 20: تفسير الجلالين

{ قال } مجيبا للكفار في قولهم ارجع عما أنت فيه وفي قراءة قل { إنما أدعو ربي } إلها { ولا أشرك به أحدا } .

قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا [٢١]

تفسير الأية 21: تفسير الجلالين

{ قل إني لا أملك لكم ضرا } غيا { ولا رشدا } خيرا.

قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا [٢٢]

تفسير الأية 22: تفسير الجلالين

{ قل إني لن يجيرني من الله } من عذابه إن عصيته { أحد ولن أجد من دونه } أي غيره { ملتحدا } ملتجأ.

إِلَّا بَلَاغًا مِنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا [٢٣]

تفسير الأية 23: تفسير الجلالين

{ إلا بلاغا } استثناء من مفعول أملك، أي لا أملك لكم إلا البلاغ إليكم { من الله } أي عنه { ورسالاته } عطف على بلاغا وما بين المستثنى منه والاستثناء اعتراض لتأكيد نفي الاستطاعة { ومن يعص الله رسوله } في التوحيد فلم يؤمن { فإن له نار جهنم خالدين } حال من ضمير من في له رعاية في معناها وهي حال مقدرة...

حَتَّىٰ إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِرًا وَأَقَلُّ عَدَدًا [٢٤]

تفسير الأية 24: تفسير الجلالين

{ حتى إذا رأوْا } إبتدائية فيها معنى الغاية لمقدر قبلها أي لا يزالون على كفرهم إلى أن يروا { ما يوعدون } به من العذاب { فسيعلمون } عند حلوله بهم يوم بدر أو يوم القيامة { من أضعف ناصرا وأقل عددا } أعوانا أهم أم المؤمنون على القول الأول أو أنا أم هم على الثاني فقال بعضهم متى هذا الوعد؟ فنزل:

قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَدًا [٢٥]

تفسير الأية 25: تفسير الجلالين

{ قل إن } أي ما { أدري أقريب ما توعدون } ؟ من العذاب { أم يجعل له ربي أمدا } غاية وأجلا لا يعلمه إلا هو.

عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَىٰ غَيْبِهِ أَحَدًا [٢٦]

تفسير الأية 26: تفسير الجلالين

{ عالم الغيب } ما غاب عن العباد { فلا يظهر } يطلع { على غيبه أحدا } من الناس.

إِلَّا مَنِ ارْتَضَىٰ مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا [٢٧]

تفسير الأية 27: تفسير الجلالين

{ إلا من ارتضى من رسول فإنه } مع إطلاعه على ما شاء منه معجزة له { يسلك } يجعل ويسير { من بين يديه } أي الرسول { ومن خلفه رصدا } ملائكة يحفظونه حتى يبلغه في جملة الوحي.

لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَىٰ كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا [٢٨]

تفسير الأية 28: تفسير الجلالين

{ ليعلم } الله علم ظهور { أن } مخففة من الثقيلة أي أنه { قد أبلغوا } أي الرسل { رسالات ربهم } روعي بجمع الضمير معنى من { وأحاط بما لديهم } عطف على مقدر، أي فعلم ذلك { وأحصى كل شيء عددا } تمييز وهو محول من المفعول والأصل أحصى عدد كل شيء.

00:00