سورة إبراهيم

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ

الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَىٰ صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ [١]

تفسير الأية 1: تفسير الجلالين

{ الر } الله أعلم بمراده بذلك، هذا القرآن { كتاب أنزلناه إليك } يا محمد { لتخرج الناس من الظلمات } الكفر { إلى النور } الإيمان { بإذن } بأمر { ربهم } ويبدل من: إلى النور { إلى صراط } طريق { العزيز } الغالب { الحميد } المحمود .

اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ [٢]

تفسير الأية 2: تفسير الجلالين

{ الله } بالجر بدل أو عطف بيان وما بعده صفة والرفع مبتدأ خبره { الذي له ما في السماوات وما في الأرض } ملكا وخلقا وعبيدا { وويل للكافرين من عذاب شديد } .

الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُولَٰئِكَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ [٣]

تفسير الأية 3: تفسير الجلالين

{ الذين } نعت { يستحبون } يختارون { الحياة الدنيا على الآخرة ويصدون } الناس { عن سبيل الله } دين الإسلام { ويبغونها } أي السبيل { عوجا } معوجة { أولئك في ضلال بعيد } عن الحق .

وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [٤]

تفسير الأية 4: تفسير الجلالين

{ وما أرسلنا من رسول إلا بلسان } بلغة { قومه ليبين لهم } ليفهمهم ما أتى به { فيضلُّ الله من يشاء ويهدي من يشاء وهو العزيز } في ملكه { الحكيم } في صنعه .

وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ [٥]

تفسير الأية 5: تفسير الجلالين

{ ولقد أرسلنا موسى بآياتنا } التسع وقلنا له { أن أخرج قومك } بني إسرائيل { من الظلمات } الكفر { إلى النور } الإيمان { وذكّرهم بأيام الله } بنعمه { إن في ذلك } التذكير { لآيات لكل صبار } على الطاعة { شكور } للنعم .

وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَٰلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ [٦]

تفسير الأية 6: تفسير الجلالين

{ و } أذكر { إذ قال موسى لقومه اذكروا نعمة الله عليكم إذ أنجاكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب ويذبِّحون أبناءكم } المولودين { ويستحيون } يستبقون { نساءكم } لقول بعض الكهنة إن مولودا يولد في بني إسرائيل يكون سبب ذهاب ملك فرعون { وفي ذلكم } الإنجاء أو العذاب { بلاء } إنعام أو ابتلاء { من ربكم...

وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ [٧]

تفسير الأية 7: تفسير الجلالين

{ وإذ تأذَّن } أعلم { ربكم لئن شكرتم } نعمتي بالتوحيد والطاعة { لأزيدنكم ولئن كفرتم } جحدتم النعمة بالكفر والمعصية لأعذبنكم دل عليه { إن عذابي لشديد } .

وَقَالَ مُوسَىٰ إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ [٨]

تفسير الأية 8: تفسير الجلالين

{ وقال موسى } لقومه { إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا فإن الله لغني } عن خلقه { حميد } محمود في صنعه بهم .

أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ [٩]

تفسير الأية 9: تفسير الجلالين

{ ألم يأتكم } استفهام تقرير { نبأ } خبر { الذين من قبلكم قوم نوح وعاد } قوم هود { وثمود } قوم صالح { والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله } لكثرتهم { جاءتهم رسلهم بالبينات } بالحجج الواضحة على صدقهم { فردوا } أي الأمم { أيديهم في أفواههم } أي إليها ليعضوا عليها من شدة الغيظ { وقالوا إنا كفرنا بما...

قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى قَالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ [١٠]

تفسير الأية 10: تفسير الجلالين

{ قالت رسلهم أفي الله شك } استفهام إنكار لا شك في توحيده لدلائل الظاهرة عليه { فاطر } خالق { السماوات والأرض يدعوكم } إلى طاعته { ليغفر لكم من ذنوبكم } من زائدة . فإن الإسلام يغفر به ما قبله، أو تبعيضية لإخراج حقوق العباد { ويؤخركم } بلا عذاب { إلى أجل مسمى } أجل الموت { قالوا إن } ما { أنتم إلا...

قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَىٰ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ [١١]

تفسير الأية 11: تفسير الجلالين

{ قالت لهم رسلهم إن } ما { نحن إلا بشر مثلكم } كما قلتم { ولكن الله يمنُّ على من يشاء من عباده } بالنبوة { وما كان } ما ينبغي { لنا أن نأتيكم بسلطان إلا بإذن الله } بأمره لأننا عبيد مربوبون { وعلى الله فليتوكل المؤمنون } يثقوا به.

وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَىٰ مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ [١٢]

تفسير الأية 12: تفسير الجلالين

{ وما لنا أ } ن { لا نتوكل على الله } أي لا مانع لنا من ذلك { وقد هدانا سبلنا ولنصبرن على ما آذيتمونا } على أذاكم { وعلى الله فليتوكل المتوكلون } .

وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَىٰ إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ [١٣]

تفسير الأية 13: تفسير الجلالين

{ وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودنَّ } لتصيرن { في ملتنا } ديننا { فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين } الكافرين .

وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذَٰلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ [١٤]

تفسير الأية 14: تفسير الجلالين

{ ولنسكننكم الأرض } أرضهم { من بعدهم } بعد هلاكهم { ذلك } النصر وإيراث الأرض { لمن خاف مقامي } أي مقامه بين يدي { وخاف وعيد } بالعذاب .

وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ [١٥]

تفسير الأية 15: تفسير الجلالين

{ واستفتحوا } استنصر الرسل بالله على قومهم { وخاب } خسر { كل جبار } متكبر عن طاعة الله { عنيد } معاند للحق .

مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَىٰ مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ [١٦]

تفسير الأية 16: تفسير الجلالين

{ من ورائه } أي أمامه { جهنم } يدخلها { ويسقى } فيها { من ماء صديد } هو ما يسل من جوف أهل النار مختلطا بالقيح والدم .

يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ [١٧]

تفسير الأية 17: تفسير الجلالين

{ يتجرعه } يبتلعه مرة بعد مرة لمرارته { ولا يكاد يسيغه } يزدرده لقبحه وكراهته { ويأتيه الموت } أي أسبابه المقتضية له من أنواع العذاب { من كل مكان وما هو بميت ومن ورائه } بعد ذلك العذاب { عذاب غليظ } قوي متصل .

مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَىٰ شَيْءٍ ذَٰلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ [١٨]

تفسير الأية 18: تفسير الجلالين

{ مثل } صفة { الذين كفروا بربهم } مبتدأ ويبدل منه { أعمالهم } الصالحة كصلة وصدقة في عدم الانتفاع بها { كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف } شديد هبوب الريح فجعلته هباءً منثورا لا يقدر عليه والمجرور خبر المبتدأ { لا يقدرون } أي الكفار { مما كسبوا } عملوا في الدنيا { على شيء } أي لا يجدون له ثوابا...

00:00