سورة هود

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ

الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ [١]

تفسير الأية 1: تفسير الجلالين

{ الر } الله أعلم بمراده بذلك، هذا { كتاب أُحكمت آياته } بعجب النظم وبديع المعاني { ثم فصِّلت } بينت بالأحكام والقصص والمواعظ { من لَدُن حكيم خبير } أي الله .

أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ [٢]

تفسير الأية 2: تفسير الجلالين

{ أ } أي بأن { لا تعبدوا إلا الله إنني لكم منه نذير } بالعذاب إن كفرتم { وبشير } بالثواب إن آمنتم .

وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ [٣]

تفسير الأية 3: تفسير الجلالين

{ وأن استغفروا ربكم } من الشرك { ثم توبوا } ارجعوا { إليه } بالطاعة { يمتعكم } في الدنيا { متاعا حسنا } بطيب عيش وسعة رزق { إلى أجل مسمى } هو الموت { ويؤت } في الآخرة { كل ذي فضل } في العمل { فضله } جزاءه { وإن تولّوا } فيه حذف إحدى التاءين، أي تُعرضوا { فإني أخاف عليكم عذاب يوم كبير } هو يوم...

إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [٤]

تفسير الأية 4: تفسير الجلالين

{ إلى الله مرجعكم وهو على كل شيء قدير } ومنه الثواب والعذاب .

أَلَا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ [٥]

تفسير الأية 5: تفسير الجلالين

ونزل كما رواه البخاري عن ابن عباس فيمن كان يستحي أن يتخلى أو يجامع فيقبض إلى السماء وقبل في المنافقين { ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه } أي الله { ألا حين يستغشون ثيابهم } يتغطون بها { يعلم } تعالى { ما يُسرون وما يُعلنون } فلا يُغني استخفاؤهم { إنه عليم بذات الصدور } أي بما في القلوب .

وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ [٦]

تفسير الأية 6: تفسير الجلالين

{ وما من } زائدة { دابة في الأرض } هي ما دبَّ عليها { إلا على الله رزقها } تكفل به فضلا منه تعالى { ويعلم مستقرها } مسكنها في الدنيا أو الصُلب { ومستودعها } من الموت أو في الرحم { كل } ما ذكر { في كتاب مبين } بيِّن هو اللوح المحفوظ .

وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَٰذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ [٧]

تفسير الأية 7: تفسير الجلالين

{ وهو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام } أولها الأحد وآخرها الجمعة { وكان عرشه } قبل خلقهما { على الماء } وهو على متن الريح { ليبلوكم } متعلق بخلق أي خلقهما وما فيهما من منافع لكم ومصالح ليختبركم { أيكم أحسن عملا } أي أطوع لله { ولئن قلت } يا محمد لهم { إنكم مبعوثون من بعد الموت ليقولن الذين...

وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَىٰ أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ [٨]

تفسير الأية 8: تفسير الجلالين

{ ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى } مجيء { أمة } أوقات { معدودة ليقولن } استهزاء { ما يحبسه } ما يمنعه من النزول قال تعالى: { ألا يوم يأتيهم ليس مصروفا } مدفوعا { عنهم وحاق } نزل { بهم ما كانوا به يستهزئون } من العذاب .

وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ [٩]

تفسير الأية 9: تفسير الجلالين

{ ولئن أذقنا الإنسان } الكافر { منا رحمة } غنى وصحة { ثم نزعناها منه إنه ليئوس } قنوط من رحمة الله { كفور } شديد الكفر به .

وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ [١٠]

تفسير الأية 10: تفسير الجلالين

{ ولئن أذقناه نعماءَ بعد ضرَّاء } فقر وشدة { مَسَّته ليقولون ذهب السيئات } المصائب { عني } ولم يتوقع زوالها ولا شكر عليها { إنه لفرح } بطر { فخور } على الناس بما أوتي .

إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَٰئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ [١١]

تفسير الأية 11: تفسير الجلالين

{ إلا } لكن { الذين صبروا } على الضراء { وعملوا الصالحات } في النعماء { أولئك لهم مغفرة وأجر كبير } هو الجنة .

فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَىٰ إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ [١٢]

تفسير الأية 12: تفسير الجلالين

{ فلعلك } يا محمد { تارك بعض ما يوحى إليك } فلا تبلغهم إياه لتهاونهم به { وضائق به صدرك } بتلاوته عليهم لأجل { أن يقولوا لوْلا } هلا { أنزل عليه كنز أو جاء معه مَلَكٌ } يصدقه كما اقترحنا { إنما أنت نذير } فما عليك إلا البلاغ لا الإتيان بما اقترحوا { والله على كل شيء وكيل } حفيظ فيجازيهم .

أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ [١٣]

تفسير الأية 13: تفسير الجلالين

{ أم } بل أ { يقولون افتراه } أي القرآن { قل فأتوا بعشر سور مثله } في الفصاحة والبلاغة { مفتريات } فإنكم عربيون فصحاء مثلي تحداهم بها أولا ثم بسورة { وادعوا } للمعاونة على ذلك { من استطعتم من دون الله } أي غيره { إن كنتم صادقين } في أنه افتراء .

فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [١٤]

تفسير الأية 14: تفسير الجلالين

{ فإ } ن { لم يستجيبوا لكم } أي من دعوتموهم للمعاونة { فاعلموا } خطاب للمشركين { أنما أنزل } ملتبسا { بعلم الله } وليس افتراء عليه { وأن } مخففة أي أنه { لا إله إلا هو فهل أنتم مسلمون } بعد هذه الحجة القاطعة أي أسلموا .

مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ [١٥]

تفسير الأية 15: تفسير الجلالين

{ من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها } بأن أصَرَّ على الشرك، وقيل هي في المرائين { نوفِّ إليهم أعمالهم } أي جزاء ما عملوه من خير كصدقة وصلة رحم { فيها } بأن نوسع عليهم رزقهم { وهم فيها } أي الدنيا { لا يبخسون } ينقصون شيئا .

أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [١٦]

تفسير الأية 16: تفسير الجلالين

{ أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط } بطل { ما صنعوا } ـه { فيها } أي الآخرة فلا ثواب له { وباطل ما كانوا يعملون } .

أَفَمَنْ كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَىٰ إِمَامًا وَرَحْمَةً أُولَٰئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ [١٧]

تفسير الأية 17: تفسير الجلالين

{ أفمن كان على بيِّنة} بيان { من ربه } وهو النبي أو المؤمنون، وهي القرآن { ويتلوه } يتبعه { شاهد } له بصدقه { منه } أي من الله وهو جبريل { ومن قبله } القرآن { كتاب موسى } التوراة شاهد له أيضا { إماما ورحمة } حال كمن ليس كذلك ؟ لا { أولئك } أي من كان على بينة { يؤمنون به } أي بالقرآن فلهم الجنة {...

وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أُولَٰئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَىٰ رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَٰؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَىٰ رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ [١٨]

تفسير الأية 18: تفسير الجلالين

{ ومن } أي لا أحد { أظلم ممن افترى على الله كذبا } بنسبة الشريك والولد إليه { أولئك يُعرضون على ربهم } يوم القيامة في جملة الخلق { ويقول الأشهاد } جمع شاهد، وهم الملائكة يشهدون للرسل بالبلاغ وعلى الكفار بالتكذيب { هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين } المشركين .

الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ [١٩]

تفسير الأية 19: تفسير الجلالين

{ الذين يصدون عن سبيل الله } دين الإسلام { ويبغونها } يطلبون السبيل { عوجا } { وهم بالآخرة هم } تأكيد { كافرون } .

00:00