سورة الروم

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ

الم [١]

تفسير الأية 1: تفسير الجلالين

{ الم } الله أعلم بمراده في ذلك.

غُلِبَتِ الرُّومُ [٢]

تفسير الأية 2: تفسير الجلالين

{ غُلبت الروم } وهم أهل الكتاب غلبتها فارس وليسوا أهل كتاب بل يعبدون الأوثان ففرح كفار مكة بذلك، وقالوا للمسلمين: نحن نغلبكم كما غلبت فارس الروم.

فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ [٣]

تفسير الأية 3: تفسير الجلالين

{ في أدنى الأرض } أي أقرب أرض الروم إلى فارس بالجزيرة التقى فيها الجيشان والبادي بالغزو الفرس { وهم } أي الروم { من بعد غلبهم } أضيف المصدر إلى المفعول: أي غلبة فارس إياهم { سيغلبون } فارس.

فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ [٤]

تفسير الأية 4: تفسير الجلالين

{ في بضع سنين } هو ما بين الثلاث إلى التسع أو العشر، فالتقي الجيشان في السنة السابعة من الالتقاء الأول وغلبت الروم فارس { لله الأمر من قبل ومن بعد } أي من قبل غلب الروم ومن بعده المعنى أن غلبة فارس أولا وغلبة الروم ثانيا بأمر الله: أي إرادته { ويومئذٍ } أي يوم تغلب الروم { يفرح المؤمنون } .

بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ [٥]

تفسير الأية 5: تفسير الجلالين

{ بنصر الله } إياهم على فارس وقد فرحوا بذلك وعلموا به يوم وقوعه أي يوم بدر بنزول جبريل بذلك مع فرحهم بنصرهم على قتل المشركين فيه { ينصر من يشاء وهو العزيز } الغالب { الرحيم } بالمؤمنين }.

وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ [٦]

تفسير الأية 6: تفسير الجلالين

{ وعد الله } مصدر بدل من اللفظ بفعله، والأصل وعدهم الله النصر { لا يخلف الله وعده } به { ولكن أكثر الناس } أي كفار مكة { لا يعلمون } وعده تعالى بنصرهم.

يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ [٧]

تفسير الأية 7: تفسير الجلالين

{ يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا } أي معايشها من التجارة والزراعة والبناء والغرس وغير ذلك { وهم عن الآخرة هم غافلون } إعادة هم تأكيد.

أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ [٨]

تفسير الأية 8: تفسير الجلالين

{أَو لم يتفكروا في أنفسهم} ليرجعوا عن غفلتهم {ما خلق الله السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأجلٍ مسمى} لذلك تفنى عند انتهائه وبعد البعث {وإن كثيرا من الناس} أي: كفار مكة {بلقاء ربهم لكافرون} أي لا يؤمنون بالبعث بعد الموت.

أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَٰكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ [٩]

تفسير الأية 9: تفسير الجلالين

{ أوَ لم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كانَ عاقبة الذين من قبلهم } من الأمم وهي إهلاكهم بتكذيبهم رسلهم { كانوا أشد منهم قوة } كعاد وثمود { وأثاروا الأرض } حرثوها وقلبوها للزرع والغرس { وعمَروها أكثر ممّا عمروها } أي كفار مكة { وجاءَتهم رسلهم بالبينات } بالحجج الظاهرات { فما كان الله ليظلمهم }...

ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَىٰ أَنْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ [١٠]

تفسير الأية 10: تفسير الجلالين

ثم كان عاقبة الذين أساءُوا السُّوأى } تأنيث الأسوأ: الأقبح خبر كان على رفع عاقبة واسم كان على نصب عاقبة، والمراد بها جهنم وإساءتهم { أن } أي: بأن { كذبوا بآيات الله } القرآن { وكانوا بها يستهزءُون } .

اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ [١١]

تفسير الأية 11: تفسير الجلالين

{ الله يبدأ الخلق } أي: ينشئ خلق الناس { ثم يعيده } أي خلقهم بعد موتهم { ثم إليه يرجعون } بالياء والتاء.

وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ [١٢]

تفسير الأية 12: تفسير الجلالين

{ ويوم تقوم الساعة يُبلس المجرمون } يسكت المشركون لانقطاع حجتهم.

وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكَائِهِمْ شُفَعَاءُ وَكَانُوا بِشُرَكَائِهِمْ كَافِرِينَ [١٣]

تفسير الأية 13: تفسير الجلالين

{ ولم يكن } أي لا يكون { لهم من شركائهم } ممن أشركوهم بالله وهم الأصنام ليشفعوا لهم { شفعاء وكانوا } أي: يكونون { بشركائهم كافرين } أي: متبرئين منهم.

وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ [١٤]

تفسير الأية 14: تفسير الجلالين

{ ويوم تقوم الساعة يومئذ } تأكيد { يتفرقون } المؤمنون والكافرون.

فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ [١٥]

تفسير الأية 15: تفسير الجلالين

{ فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فهم في روضةٍ } جنة { يحبرون } يسرون.

وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآخِرَةِ فَأُولَٰئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ [١٦]

تفسير الأية 16: تفسير الجلالين

{ وأما الذين كفروا وكذبوا بآياتنا } القرآن { ولقاء الآخرة } البعث وغيره { فأولئك في العذاب محضرون } .

فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ [١٧]

تفسير الأية 17: تفسير الجلالين

{ فسبحان الله } أي: سبحوا الله بمعنى صلوا { حين تمسون } أي: تدخلون في المساء وفيه صلاتان: المغرب والعشاء { وحين تصبحون } تدخلون في الصباح وفيه صلاة الصبح.

وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ [١٨]

تفسير الأية 18: تفسير الجلالين

{ وله الحمد في السموات والأرض } اعتراض ومعناه يحمده أهلهما { وعشيا} عطف على حين وفيه صلاة العصر { وحين تظهرون } تدخلون في الظهيرة وفيه صلاة الظهر.

يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَٰلِكَ تُخْرَجُونَ [١٩]

تفسير الأية 19: تفسير الجلالين

{ يُخرج الحي من الميت } كالإنسان من النطفة والطائر من البيضة { ويخرج الميت } النطفة والبيضة { من الحي ويحيي الأرض } بالنبات { بعد موتها } أي يبسها { وكذلك } الإخراج { تَخرجون } من القبور بالبناء للفاعل والمفعول.

وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ [٢٠]

تفسير الأية 20: تفسير الجلالين

{ ومن آياته } تعالى الدالة على قدرته { أن خلقكم من تراب } أي: أصلكم آدم { ثم إذا أنتم بشر } من دم ولحم { تنتشرون } في الأرض.

وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [٢١]

تفسير الأية 21: تفسير الجلالين

{ ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا} فخلقت حواء من ضلع آدم وسائر الناس من نطف الرجال والنساء { لتسكنوا إليها } وتألفوها { وجعل بينكم } جميعا { مودةً ورحمة إن في ذَلك } المذكور { لآيات لقوم يتفكرون } في صنع الله تعالى.

وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ [٢٢]

تفسير الأية 22: تفسير الجلالين

{ ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم } أي لغاتكم من عربية وعجمية وغيرها { وألوانكم } من بياض وسواد وغيرهما، وأنتم أولاد رجل واحد وامرأة واحدة { إن في ذلك لآيات } دلالات على قدرته تعالى { للعالمين } بفتح اللام وكسرها، أي: ذوي العقول وأولي العلم.

وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ [٢٣]

تفسير الأية 23: تفسير الجلالين

{ ومن آياته منامكم بالليل والنهار } بإرادته راحة لكم { وابتغاؤكم } بالنهار { من فضله } أي: تصرفكم في طلب المعِيشة بإرادته { إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون } سماع تدبر واعتبار.

وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ [٢٤]

تفسير الأية 24: تفسير الجلالين

{ ومن آياته يريكم } أي إراءتكم { البرق خوفا} للمسافر من الصواعق { وطمعا} للمقيم في المطر { وينزل من السماء ماءً فيحيي به الأرض بعد موتها } أي: يبسطها بأن تنبت { إن في ذلك } المذكور { لآيات لقوم يعقلون } يتدبرون.

00:00