سورة يونس

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ

الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ [١]

تفسير الأية 1: تفسير الجلالين

{ الر } الله أعلم بمراده بذلك { تلك } أي هذه الآيات { آيات الكتاب } القرآن والإضافة بمعنى من { الحكيم } المحكم .

أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَىٰ رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَٰذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ [٢]

تفسير الأية 2: تفسير الجلالين

{ أكان للناس } أي أهل مكة، استفهام إنكار والجار والمجرور حال من قوله { عَجبا } بالنصب خبر كان، وبالرفع اسمها والخبر وهو اسمها على الأولى { أن أوحينا } أي إيحاؤنا { إلى رجل منهم } محمد { أن } مفسرة { أنذر } خوِّف { الناس } الكافرين بالعذاب { وبشر الذين آمنوا أن } أي بأن { لهم قدم } سلف { صدق عند...

إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ [٣]

تفسير الأية 3: تفسير الجلالين

{ إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام } من أيام الدنيا، أي في قدرها، لأنه لم يكن ثَم شمس ولا قمر، ولو شاء لخلقهن في لمحة، والعدول عنه لتعليم خلقه التثبت { ثم استوى على العرش } استواءً يليق به { يدبر الأمر } بين الخلائق { ما من } صلة { شفيع } يشفع لأحد { إلا من بعد إذنه } رد لقولهم...

إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ [٤]

تفسير الأية 4: تفسير الجلالين

{ إليه } تعالى { مرجعكم وعد الله حقا } مصدران منصوبان بفعلهما المقدر { إنه } بالكسر استئنافاً والفتح على تقدير اللام { يبدأ الخلق } أي بدأه بالإنشاء { ثم يعيده } بالبعث { ليجزي } يثيب { الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالقسط والذين كفروا لهم شراب من حميم } ماء بالغ نهاية الحرارة { وعذاب أليم } مؤلم {...

هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَٰلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ [٥]

تفسير الأية 5: تفسير الجلالين

{ هو الذي جعل الشمس ضياءً } ذات ضياء، أي نور { والقمر نورا وقدره } من حيث سيره { منازل } ثمانية وعشرين منزلا في ثمان وعشرين ليلة من كل شهر، ويستتر ليلتين إن كان الشهر ثلاثين يوما، أو ليلة إن كان تسعة وعشرين يوما { لتعلموا } بذلك { عدد السنين والحساب ما خلق الله ذلك } المذكور { إلا بالحق } لا عبثا...

إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ [٦]

تفسير الأية 6: تفسير الجلالين

{ إن في اختلاف الليل والنهار } بالذهاب والمجيء والزيادة والنقصان { وما خلق الله في السماوات } من ملائكة وشمس وقمر ونجوم وغير ذلك { و } في { الأرض } من حيوان وجبال وبحار وأنهار وأشجار وغيرها { لآيات } دلالات على قدرته تعالى { لقوم يتقونـ } ـه فيؤمنون، خصهم بالذكر لأنهم المنتفعون بها .

إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ [٧]

تفسير الأية 7: تفسير الجلالين

{ إن الذين لا يرجون لقاءنا } بالبعث { ورضوا بالحياة الدنيا } بدل الآخرة لإنكارهم لها { واطمأنوا بها } سكنوا إليها { والذين هم عن آياتنا } دلائل وحدانيتنا { غافلون } تاركون النظر فيها .

أُولَٰئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ [٨]

تفسير الأية 8: تفسير الجلالين

{ أولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون } من الشرك والمعاصي .

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ [٩]

تفسير الأية 9: تفسير الجلالين

{ إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم } يرشدهم { ربهم بإيمانهم } به بأن يجعل لهم نورا يهتدون به يوم القيامة { تجري من تحتهم الأنهار في جنات النعيم } .

دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [١٠]

تفسير الأية 10: تفسير الجلالين

{ دعواهم فيها } طلبهم يشتهونه في الجنة أن يقولوا { سبحانك اللهم } أي يا الله فإذا ما طلبوه وجدوه بين أيديهم { وتحيتهم } فيما بينهم { فيها سلام وآخر دعواهم أن } مفسرة { الحمد لله رب العالمين } ونزل لما استعجل المشركون العذاب .

وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ [١١]

تفسير الأية 11: تفسير الجلالين

{ ولو يُعَجِل الله للناس الشر استعجالهم } أي كاستعجالهم { بالخير لقضي } بالبناء للمفعول وللفاعل { إليهم أجلُهم } بالرفع والنصب، بأن يهلكهم ولكن يمهلهم { فَنَذَرُ } نترك { الذين لا يرجون لقاءنا في طغيانهم يعمهون } يترددون متحيرين .

وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَىٰ ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [١٢]

تفسير الأية 12: تفسير الجلالين

{ وإذا مس الإنسان } الكافر { الضُّرُّ } المرض والفقر { دعانا لجنبه } أي مضطجعا { أو قاعدا أو قائما } أي في كل حال { فلما كشفنا عنه ضُره مرَّ } على كفره { كأن } مخففة واسمها محذوف، أي كأنه { لم يدعنا إلى ضرٍّ مسه كذلك } كما زُيّن له الدعاء عند الضرر والإعراض عند الرخاء { زُيِّن للمسرفين } المشركين...

وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ [١٣]

تفسير الأية 13: تفسير الجلالين

{ ولقد أهلكنا القرون } الأمم { من قبلكم } يا أهل مكة { لما ظلموا } بالشرك { و } قد { جاءتهم رسلهم بالبينات } الدالات على صدقهم { وما كانوا ليؤمنوا } عطف على ظلموا { كذلك } كما أهلكنا أولئك { نجزي القوم المجرمين } الكافرين .

ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ [١٤]

تفسير الأية 14: تفسير الجلالين

{ ثم جعلناكم } يا أهل مكة { خلائف } جمع خليفة { في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون } فيها وهل تعتبرون بهم فتصدقوا رسلنا .

وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَٰذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ [١٥]

تفسير الأية 15: تفسير الجلالين

{ وإذا تُتلى عليهم آياتنا } القرآن { بينات } ظاهرات حال { قال الذين لا يرجون لقاءنا } لا يخافون البعث { ائت بقرآن غير هذا } ليس فيه عيب آلهتنا { أو بدله } من تلقاء نفسك { قل } لهم { ما يكون } ينبغي { لي أن أبدله من تلقاء } قبل { نفسي إن } ما { أتبع إلا ما يوحي إليّ إني أخاف إن عصيت ربي } بتبديله...

قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ [١٦]

تفسير الأية 16: تفسير الجلالين

{ قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم } أعلمكم { به } ولا نافية عطف على ما قبله، وفي قراءة بلام جواب لو أي لأعلمكم به على لسان غيري { فقد لبثت } مكثت { فيكم عمرا } سنينا أربعين { من قبله } لا أحدثكم بشيء { أفلا تعقلون } أنه ليس من قِبَلي .

فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ [١٧]

تفسير الأية 17: تفسير الجلالين

{ فمن } أي لا أحد { أظلم ممن افترى على الله كذبا } بنسبة الشريك إليه { أو كذَّب بآياته } القرآن { إنه } أي الشأن { لا يفلح } يسعد { المجرمون } المشركون .

وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَٰؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ [١٨]

تفسير الأية 18: تفسير الجلالين

{ ويعبدون من دون الله } أي غيره { ما لا يضرهم } إن لم يعبدوه { ولا ينفعهم } إن عبدوه وهو الأصنام { ويقولون } عنها { هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل } لهم { أتنبئون الله } جبروته { بما لا يعلم في السموات والأرض } استفهام إنكار إذ لو كان له شريك لعلمه، إذا لا يخفى عليه شيء { سبحانه } تنزيها له { وتعالى...

وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ [١٩]

تفسير الأية 19: تفسير الجلالين

{ وما كان الناس إلا أمة واحدة } على دين واحد وهو الإسلام، من لدن آدم إلى نوح، وقيل من عهد إبراهيم إلى عمرو بن لحيِّ { فاختلفوا } بأن ثبت بعض وكفر بعض { ولولا كلمة سبقت من ربك } بتأخير الجزاء إلى يوم القيامة { لقضي بينهم } أي الناس في الدنيا { فيما فيه يختلفون } من الدين بتعذيب الكافرين .

وَيَقُولُونَ لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ [٢٠]

تفسير الأية 20: تفسير الجلالين

{ ويقولون } أي أهل مكة { لولا } هلا { أنزل عليه } على محمد { آية من ربه } كما كان للأنبياء من الناقة والعصا واليد { فقل } لهم { إنما الغيب } ما غاب عن العباد أي أمره { لله } ومنه الآيات فلا يأتي بها إلا هو وإنما عليَّ التبليغ { فانتظروا } العذاب إن لم تؤمنوا { إني معكم من المنتظرين } .

00:00