سورة الشورى

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ

حم [١]

تفسير الأية 1: تفسير الجلالين

{ حم } .

عسق [٢]

تفسير الأية 2: تفسير الجلالين

{ عسق } الله أعلم بمراده به .

كَذَٰلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [٣]

تفسير الأية 3: تفسير الجلالين

{ كذلك } أي مثل ذلك الإيحاء { يوحي إليك و } أوحى { إلى الذين من قبلك الله } فاعل الإيحاء { العزيز } في ملك { الحكيم } في صنعه .

لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ [٤]

تفسير الأية 4: تفسير الجلالين

{ له ما في السماوات وما في الأرض } ملكاً وخلقاً وعبيداً { وهو العلي } على خلقه { العظيم } الكبير .

تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَلَا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [٥]

تفسير الأية 5: تفسير الجلالين

{ تكاد } بالتاء والياء { السماوات يتفطرن } بالنون، وفي قراءة بالتاء والشديد { من فوقهن } أي تنشق كل واحدة فوق التي تليها من عظة الله تعالى { والملائكة يسبحون بحمد ربهم } أي ملابسين للحمد { ويستغفرون لمن في الأرض } من المؤمنين { ألا إن الله هو الغفور } لأوليائه { الرحيم } بهم .

وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ [٦]

تفسير الأية 6: تفسير الجلالين

{ والذين اتخذوا من دونه } أي الأصنام { أولياء الله حفيظ } محص { عليهم } ليجازيهم { وما أنت عليهم بوكيل } تحصل المطلوب منهم، ما عليك إلا البلاغ .

وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَىٰ وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ [٧]

تفسير الأية 7: تفسير الجلالين

{ وكذلك } مثل ذلك الإيحاء { أوحينا إليك قرآناً عربيا لتنذر } تخوّف { أم القرى ومن حولها } أي أهل مكة وسائر الناس { وتنذر } الناس { يوم الجمع } يوم القيامة فيه الخلائق { لا ريب } شك { فيه فريق } منهم { في الجنة وفريقٌ في السعير } النار .

وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَٰكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ [٨]

تفسير الأية 8: تفسير الجلالين

{ ولو شاء الله لجعلهم أمة واحدة } أي على دين واحد، وهو الإسلام { ولكن يدخل من يشاء في رحمته والظالمون } الكافرون { ما لهم من وليّ ولا نصير } يدفع عنهم العذاب .

أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِي الْمَوْتَىٰ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [٩]

تفسير الأية 9: تفسير الجلالين

{ أم اتخذوا من دونه } أي الأصنام { أولياء } أم منقطعة بمعنى: بل التي للانتقال، والهمزة للإنكار أي ليس المتخذون أولياء { فالله هو الولي } أي الناصر للمؤمنين والفاء لمجرد العطف { وهو يحيي الموتى وهو على كل شيءٍ قدير } .

وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ [١٠]

تفسير الأية 10: تفسير الجلالين

{ وما اختلفتم } مع الكفار { فيه من شيءٍ } من الدين وغيره { فحكمه } مردود { إلى الله } يوم القيامة يفصل بينكم، قل لهم { ذلكم الله ربي عليه توكلت وإليه أنيب } أرجع .

فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [١١]

تفسير الأية 11: تفسير الجلالين

{ فاطر السماوات والأرض } مبدعهما { جعل لكم من أنفسكم أزواجاً } حيث خلق حواء من ضلع آدم { ومن الأنعام أزواجاً } ذكوراً وإناثاً { يذرؤكم } بالمعجمة بخلقكم { فيه } في الجعل المذكور، أي يكثركم بسببه بالتوالد والضمير للأناسي والأنعام بالتغليب { ليس كمثله شيء } الكاف زائدة لأنه تعالى لا مثل له { وهو...

لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [١٢]

تفسير الأية 12: تفسير الجلالين

{ له مقاليد السماوات والأرض } أي مفاتيح خزائنهما من المطر والنبات وغيرهما { يبسط الرزق } يوسعه { لمن يشاء } امتحاناً { ويقدر } يضيقه لمن يشاء ابتلاءً { إنه بكل شيء عليم } .

شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ [١٣]

تفسير الأية 13: تفسير الجلالين

{ شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً } هو أول أنبياء الشريعة { والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه } هذا هو المشروع الموصى به، والموحى إلى محمد صلى الله عليه وسلم وهو التوحيد { كبر } عظم { على المشركين ما تدعوهم إليه } من التوحيد { الله يجتبي إليه }...

وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ [١٤]

تفسير الأية 14: تفسير الجلالين

{ وما تفرَّقوا } أي أهل الأديان في الدين بأن وحد بعض وكفر بعض { إلا من بعد ما جاءهم العلم } بالتوحيد { بغياً } من الكافرين { بينهم ولولا كلمة سبقت من ربك } بتأخير الجزاء { إلى أجل مسمى } يوم القيامة { لقضي بينهم } بتعذيب الكافرين في الدنيا { وإن الذين أورثوا الكتاب من بعدهم } وهم اليهود والنصارى...

فَلِذَٰلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ [١٥]

تفسير الأية 15: تفسير الجلالين

{ فلذلك } التوحيد { فادع } يا محمد الناس { واستقم } عليه { كما أمرت ولا تتبع أهواءهم } في تركه { وقل آمنت بما أنزل الله من كتاب وأمرت لأعدل } أي بأن أعدل { بينكم } في الحكم { الله ربنا وربكم لنا أعمالنا ولكم أعمالكم } فكل يجازى بعمله { لا حجة } خصومة { بيننا وبينكم } هذا قبل أن يؤمر بالجهاد {...

وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ [١٦]

تفسير الأية 16: تفسير الجلالين

{ والذين يحاجُّون في } دين { الله } نبيه { من بعد ما استجيب له } بالإيمان لظهور معجزته وهم اليهود { حجتهم داحضة } باطلة { عند ربهم وعليهم غضب ولهم عذاب شديد } .

اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ [١٧]

تفسير الأية 17: تفسير الجلالين

{ الله الذي أنزل الكتاب } القرآن { بالحق } متعلق بأنزل { والميزان } العدل { وما يدريك } يعلمك { لعل الساعة } أي إتيانها { قريب } ولعل معلق للفعل عن العمل وما بعده سد مسد المفعولين .

يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلَا إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ [١٨]

تفسير الأية 18: تفسير الجلالين

{ يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها } يقولون متى تأتي ظنا منهم أنها غير آتية { والذين آمنوا مشفقون } خائفون { منها ويعلمون أنها الحق ألا إن الذين يمارون } يجادلون { في الساعة لفي ضلال بعيد } .

اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ [١٩]

تفسير الأية 19: تفسير الجلالين

{ الله لطيف بعباده } برهم وفاجرهم حيث لم يهلكهم جوعاً بمعاصيهم { يرزق من يشاء } من كل منهم ما يشاء { وهو القوي } على مراده { العزيز } الغالب على أمره .

مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ [٢٠]

تفسير الأية 20: تفسير الجلالين

{ من كان يريد } بعمله { حرث الآخرة } أي كسبها وهو الثواب { نزد له في حرثه } بالتضعيف فيه الحسنة إلى العشرة وأكثر { ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها } بلا تضعيف ما قسم له { وما له في الآخرة من نصيب } .

أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [٢١]

تفسير الأية 21: تفسير الجلالين

{ أم } بل { لهم } لكفار مكة { شركاء } هم شياطينهم { شرعوا } أي الشركاء { لهم } للكفار { من الدين } الفاسد { ما لم يأذن به الله } كالشرك وإنكار البعث { ولولا كلمة الفصل } أي القضاء السابق بأن الجزاء في يوم القيامة { لقضي بينهم } وبين المؤمنين بالتعذيب لهم في الدنيا { وإن الظالمين } الكافرين { لهم...

تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ [٢٢]

تفسير الأية 22: تفسير الجلالين

{ ترى الظالمين } يوم القيامة { مشفقين } خائفين { مما كسبوا } في الدنيا من السيئات أن يجازوا عليها { وهو } أي الجزاء عليها { واقع بهم } يوم القيامة لا محالة { والذين آمنوا وعملوا الصالحات في روضات الجنات } أنزهها بالنسبة إلى من دونهم { لهم ما يشاءُون عند ربهم ذلك هو الفضل الكبير } .

00:00