سورة الزمر

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ

تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ [١]

تفسير الأية 1: تفسير الجلالين

{ تنزيل الكتاب } القرآن مبتدأ { من الله } خبره { العزيز } في ملكه { الحكيم } في صنعه .

إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ [٢]

تفسير الأية 2: تفسير الجلالين

{ إنا أنزلنا إليك } يا محمد { الكتاب بالحق } متعلق بأنزل { فاعبد الله مخلصا له الدين } من الشرك: أي موحدا له .

أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَىٰ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ [٣]

تفسير الأية 3: تفسير الجلالين

{ ألا الله الدين الخالص } لا يستحقه غيره { والذين اتخذوا من دونه } الأصنام { أولياء } وهم كفار مكة قالوا { ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى } قربى مصدر بمعنى تقريبا { إن الله يحكم بينهم } وبين المسلمين { في ما هم فيه يختلفون } من أمر الدين فيدخل المؤمنين الجنة، والكافرين النار { إن الله لا...

لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لَاصْطَفَىٰ مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ [٤]

تفسير الأية 4: تفسير الجلالين

{ لو أراد الله أن يتخذ ولدا } كما قالوا: (اتخذ الرحمن ولدا) { لاصطفى مما يخلق ما يشاء } واتخذه ولدا غير من قالوا الملائكة بنات الله وعزير ابن الله والمسيح ابن الله { سبحانه } تنزيها له عن اتخاذ الولد { هو الله الواحد القهار } لخلقه .

خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ [٥]

تفسير الأية 5: تفسير الجلالين

{ خلق السماوات والأرض بالحق } متعلق بخلق { يكوّر } يدخل { الليل على النهار } فيزيد { ويكور النهار } يدخله { على الليل } فيزيد { وسخَّر الشمس والقمر كل يجري } في فلكه { لأجل مسمى } ليوم القيامة { ألا هو العزيز } الغالب على أمره المنتقم من أعدائه { الغفار } لأوليائه .

خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ [٦]

تفسير الأية 6: تفسير الجلالين

{ خلقكم من نفس واحدة } أي آدم { ثم جعل منها زوجها } حواء { وأنزل لكم من الأنعام } الإبل والبقر والغنم الضأن والمعز { ثمانية أزواج } من كلٍ زوجان ذكر وأنثى كما بيّن في سورة الأنعام { يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق } أي نطفا ثم علقا ثم مضغا { في ظلمات ثلاث } هي ظلمة البطن وظلمة الرحم وظلمة...

إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَىٰ لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ [٧]

تفسير الأية 7: تفسير الجلالين

{ إن تكفروا فإن الله غنيٌ عنكم ولا يرضى لعباده الكفر } وإن أراده من بعضهم { وإن تشكروا } الله فتؤمنوا { يرضه } بسكون الهاء وضمها مع إشباع ودونه: أي الشكر { لكم ولا تزر } نفس { وازرة وزر } نفس { أخرى } أي لا تحمله { ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم تعملون إنه عليم بذات الصدور } بما في القلوب .

وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ [٨]

تفسير الأية 8: تفسير الجلالين

{ وإذا مسَّ الإنسان } أي الكافر { ضرٌ دعا ربه } تضرَّع { منيبا } راجعا { إليه ثم إذا خوّله نعمة } أعطاه إنعاما { منه نسيَ } ترك { ما كان يدعو } يتضرّع { إليه من قبل } وهو الله، فما في موضع من { وجعل الله أندادا } شركاء { ليضل } بفتح الياء وضمها { عن سبيله } دين الإسلام { قل تمتع بكفرك قليلا }...

أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ [٩]

تفسير الأية 9: تفسير الجلالين

{ أمَّن } بتخفيف الميم { هو قانت } قائم بوظائف الطاعات { آناء الليل } ساعاته { ساجدا وقائما } في الصلاة { يحذر الآخرة } أي يخاف عذابها { ويرجو رحمة } جنة { ربه } كمن هو عاص بالكفر أو غيره، وفي قراءة أم من فأم بمعنى بل والهمزة { قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون } أي لا يستويان كما لا...

قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَٰذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ [١٠]

تفسير الأية 10: تفسير الجلالين

{ قل يا عباد الذين آمنوا اتقوا ربكم } أي عذابه بأن تطيعوه { للذين أحسنوا في هذه الدنيا } بالطاعة { حسنة } هي الجنة { وأرض الله واسعة } فهاجروا إليها من بين الكفار ومشاهدة المنكرات { إنما يوفى الصابرون } على الطاعة وما يبتلون به { أجرهم بغير حساب } بغير مكيال ولا ميزان .

قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ [١١]

تفسير الأية 11: تفسير الجلالين

{ قل إني أمرت أن أعبد الله مخلصا له الدين } من الشرك .

وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ [١٢]

تفسير الأية 12: تفسير الجلالين

{ وأمرت لأن } أي بأن { أكون أول المسلمين } من هذه الأمة .

قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ [١٣]

تفسير الأية 13: تفسير الجلالين

{ قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم } .

قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي [١٤]

تفسير الأية 14: تفسير الجلالين

{ قل الله أعبد مخلصا له ديني } من الشرك .

فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَٰلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ [١٥]

تفسير الأية 15: تفسير الجلالين

{ فاعبدوا ما شئتم من دونه } غيره، فيه تهديد لهم وإيذان بأنهم لا يعبدون الله تعالى { قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة } بتخليد الأنفس في النار وبعدم وصولهم إلى الحور المعدَّة لهم في الجنة لو آمنوا { ألا ذلك هو الخسران المبين } البيَّن .

لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَٰلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ [١٦]

تفسير الأية 16: تفسير الجلالين

{ لهم من فوقهم ظلل } طباق { من النار ومن تحتهم ظلل } من النار { ذلك يخوِّف الله به عباده } أي المؤمنين ليتقوه يدل عليه { يا عباد فاتقون } .

وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَىٰ فَبَشِّرْ عِبَادِ [١٧]

تفسير الأية 17: تفسير الجلالين

{ والذين اجتنبوا الطاغوت } الأوثان { أن يعبدوها وأنابوا } أقبلوا { إلى الله لهم البشرى } بالجنة { فبشر عباد } .

الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَٰئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ [١٨]

تفسير الأية 18: تفسير الجلالين

{ الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه } وهو ما فيه صلاحهم { أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب } أصحاب العقول .

أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ [١٩]

تفسير الأية 19: تفسير الجلالين

{ أفمن حق عليه كلمة العذاب } أي: (لأملأن جهنم) { أفأنت تنقذ } تخرج { من في النار } جواب الشرط وأقيم فيه الظاهر مقام المضمر والهمزة للإنكار، والمعنى لا تقدر على هدايته فتنقذه من النار .

لَٰكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ [٢٠]

تفسير الأية 20: تفسير الجلالين

{ لكن الذين اتقوْا ربهم } بأن أطاعوه { لهم غرف من فوقها غرف مبنية تجري من تحتها الأنهار } أي من تحت الغرف الفوقانية والتحتانية { وعد الله } منصوب بفعله المقَّدر { لا يخلف الله الميعاد } وعده .

أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكْرَىٰ لِأُولِي الْأَلْبَابِ [٢١]

تفسير الأية 21: تفسير الجلالين

{ ألم تر } تعلم { أن الله أنزل من السماء ماءً فسلكه ينابيع } أدخله أمكنة نبع { في الأرض ثم يخرج به زرعا مختلفا ألوانه ثم يهيج } ييبس { فتراه } بعد الخضرة مثلا { مصفرا ثم يجعله حطاما } فتاتا { إن في ذلك لذكرى } تذكيرا { لأولي الألباب } يتذكرون به لدلالته على وحدانية الله تعالى وقدرته .

00:00