سورة فصلت

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ

حم [١]

تفسير الأية 1: تفسير الجلالين

{ حم } الله أعلم بمراده .

تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ [٢]

تفسير الأية 2: تفسير الجلالين

{ تنزيل من الرحمن الرحيم } مبتدأ .

كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ [٣]

تفسير الأية 3: تفسير الجلالين

{ كتاب } خبره { فصلت آياته } بينت بالأحكام والقصص والمواعظ { قرآناً عربيا } حال من كتاب بصفته { لقوم } متعلق بفصلت { يعلمون } يفهمون ذلك، وهم العرب .

بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ [٤]

تفسير الأية 4: تفسير الجلالين

{ بشيراً } صفة قرآناً { ونذيراً فأعرض أكثرهم فهم لا يسمعون } سماع قبول .

وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ [٥]

تفسير الأية 5: تفسير الجلالين

{ وقالوا } للنبي { قلوبنا في أكنَّةٍ } أغطية { مما تدعونا إليه وفي آذاننا وقر } ثقل { ومن بيننا وبينك حجاب } خلاف في الدين { فاعمل } على دينك { إننا عاملون } على ديننا .

قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ [٦]

تفسير الأية 6: تفسير الجلالين

{ قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إليَّ أنما إلهكم إله واحد فاستقيموا إليه } بالإيمان والطاعة { واستغفروه وويل } كلمة عذاب { للمشركين } .

الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ [٧]

تفسير الأية 7: تفسير الجلالين

{ الذين لا يؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم } تأكيد { كافرون } .

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ [٨]

تفسير الأية 8: تفسير الجلالين

{ إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم أجر غير ممنون } مقطوع .

قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَٰلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ [٩]

تفسير الأية 9: تفسير الجلالين

{ قل أئنكم } بتحقيق الهمزة الثانية وتسهيلها وإدخال ألف بينها بوجهيها وبين الأولى { لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين } الأحد والاثنين { وتجعلون له أنداداً } شركاء { ذلك رب } أي مالك { العالمين } جمع عالم، وهو ما سوى الله وجمع لاختلاف أنواعه بالياء والنون، تغليباً للعقلاء .

وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ [١٠]

تفسير الأية 10: تفسير الجلالين

{ وجعل } مستأنف ولا يجوز عطفه على صلة الذي للفاصل الأجنبي { فيها رواسي } جبالاً ثوابت { من فوقها وبارك فيها } بكثرة المياه والزروع والضروع { وقدَّر } قسَّم { فيها أقواتها } للناس والبهائم { في } تمام { أربعة أيام } أي الجعل وما ذكر معه في يوم الثلاثاء والأربعاء { سواءً } منصوب على المصدر، أي...

ثُمَّ اسْتَوَىٰ إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ [١١]

تفسير الأية 11: تفسير الجلالين

{ ثم استوى } قصد { إلى السماء وهي دخان } بخار مرتفع { فقال لها وللأرض ائتيا } إلى مرادي منكما { طوعاً أو كرهاً } في موضع الحال، أي طائعتين أو مكرهتين { قالتا أتينا } بمن فينا { طائعين } فيه تغليب المذكر العاقل أو نزلنا لخاطبها منزلته .

فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَىٰ فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَٰلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ [١٢]

تفسير الأية 12: تفسير الجلالين

{ فقضاهنَّ } الضمير يرجع إلى السماء لأنها في معنى الجمع الآيلة إليه، أي صيَّرها { سبع سماوات في يومين } الخميس والجمعة فرغ منها في آخر ساعة منه، وفيها خلق آدم ولذلك لم يقل هنا سواء، ووافق ما هنا آيات خلق السماوات والأرض في ستة أيام { وأوحى في كل سماءٍ أمرها } الذي أمر به من فيها من الطاعة...

فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ [١٣]

تفسير الأية 13: تفسير الجلالين

{ فإن أعرضوا } أي كفار مكة عن الإيمان بعد هذا البيان { فقل أنذرتكم } خوَّفتكم { صاعقةً مثل صاعقة عادٍ وثمود } عذاباً يهلككم مثل الذي أهلكهم .

إِذْ جَاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ قَالُوا لَوْ شَاءَ رَبُّنَا لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً فَإِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ [١٤]

تفسير الأية 14: تفسير الجلالين

{ إذْ جاءتهم الرسل من بين أيديهم ومن خلفهم } أي مقبلين عليهم ومدبرين عنهم فكفروا كما سيأتي، والإهلاك في زمنه فقط { أن } أي بأن { لا تعبدوا إلا الله قالوا لو شاء ربنا لأنزل } علينا { ملائكة فإنا بما أرسلتم به } على زعمكم { كافرون } .

فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ [١٥]

تفسير الأية 15: تفسير الجلالين

{ فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا } لما خوِّفوا بالعذاب { من أشد منا قوة } أي لا أحد، كان واحدهم يقلع الصخرة العظيمة من الجبل يجعلها حيث يشاء { أولم يروْا } يعلموا { أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوَّة وكانوا بآياتنا } المعجزات { يجحدون } .

فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَىٰ وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ [١٦]

تفسير الأية 16: تفسير الجلالين

{ فأرسلنا عليهم ريحاً صرصراً } باردة شديدة الصوت بلا مطر { في أيام نحسات } بكسر الحاء وسكونها مشؤومات عليهم { لنذيقهم عذاب الخزي } الذل { في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أخزى } أشد { وهم لا ينصرون } بمنعه عنهم .

وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَىٰ عَلَى الْهُدَىٰ فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ [١٧]

تفسير الأية 17: تفسير الجلالين

{ وأما ثمود فهديناهم } بيّنا لهم طريق الهدى { فاستحبوا العمى } اختاروا الكفر { على الهدى فأخذتهم صاعقة العذاب الهون } المهين { بما كانوا يكسبون } .

وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ [١٨]

تفسير الأية 18: تفسير الجلالين

{ ونجينا } منها { الذين آمنوا وكانوا يتقون } الله .

وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ [١٩]

تفسير الأية 19: تفسير الجلالين

{ و } اذكر { يوم يُحشر } بالياء والنون المفتوحة وضم الشين وفتح الهمزة { أعداء الله إلى النار فهم يوزعون } يساقون .

حَتَّىٰ إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [٢٠]

تفسير الأية 20: تفسير الجلالين

{ حتى إذا ما } زائدة { جاءُوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون } .

وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ [٢١]

تفسير الأية 21: تفسير الجلالين

{ وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء } أي أراد نطقه { وهو خلقكم أول مرةٍ وإليه ترجعون } قيل: هو من كلام الجلود، وقيل: هو من كلام الله تعالى كالذي بعده وموقعه قريب مما قبله بأن القادر على إنشائكم ابتداء وإعادتكم بعد الموت أحياء قادر على إنطاق جلودكم وأعضائكم .

وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَٰكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ [٢٢]

تفسير الأية 22: تفسير الجلالين

{ وما كنتم تستترون } عن ارتكابكم الفواحش من { أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم } لأنكم لم توقنوا بالبعث { ولكن ظننتم } عند استتاركم { أن الله لا يعلم كثيراً مما تعملون } .

وَذَٰلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ [٢٣]

تفسير الأية 23: تفسير الجلالين

{ وذلكم } مبتدأ { ظنكم } بدل منه { الذي ظننتم بربكم } نعت والخبر { أرداكم } أي أهلككم { فأصبحتم من الخاسرين } .

فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ [٢٤]

تفسير الأية 24: تفسير الجلالين

{ فإن يصبروا } على العذاب { فالنار مثوى } مأوى { لهم وإن يستعتبوا } يطلبوا العتبى، أي الرضا { فما هم من المعتبين } المرضيين .

وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ [٢٥]

تفسير الأية 25: تفسير الجلالين

( وقيضنا ) سببنا ( لهم قرناء ) من الشياطين ( فزينوا لهم ما بين أيديهم ) من أمر الدنيا واتباع الشهوات ( وما خلفهم ) من أمر الآخرة بقولهم لا بعث ولا حساب ( وحق عليهم القول ) بالعذاب وهو "" لأملأن جهنم "" الآية ( في ) جملة ( أمم قد خلت ) هلكت ( من قبلهم من الجن والإنس إنهم كانوا خاسرين ) .

وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَٰذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ [٢٦]

تفسير الأية 26: تفسير الجلالين

{ وقال الذين كفروا } عند قراءة النبي صلى الله عليه وسلم { لا تسمعوا لهذا القرآن والغوْا فيه } ائتوا باللغط ونحوه وصيحوا في زمن قراءته { لعلكم تغلبون } فيسكت عن القراءة .

فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذَابًا شَدِيدًا وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ [٢٧]

تفسير الأية 27: تفسير الجلالين

قال الله تعالى فيهم: { فلنذيقنَّ الذين كفروا عذاباً شديداً ولنجزينهم أسوأ الذي كانوا يعملون } أي أقبح جزاء عملهم .

ذَٰلِكَ جَزَاءُ أَعْدَاءِ اللَّهِ النَّارُ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ جَزَاءً بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ [٢٨]

تفسير الأية 28: تفسير الجلالين

{ ذلك } العذاب الشديد وأسوأ الجزاء { جزاء أعداء الله } بتحقيق الهمزة الثانية وإبدالها واواً { النار } عطف بيان للجزاء المخبر به عن ذلك { لهم فيها دار الخلد } أي إقامة لا انتقال منها { جزاءً } منصوب على المصدر بفعله المقدر { بما كانوا بآياتنا } القرآن { يجحدون } .

وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا اللَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ [٢٩]

تفسير الأية 29: تفسير الجلالين

{ وقال الذين كفروا } في النار { ربنا أرنا الذيْن أضلانا من الجن والإنس } أي إبليس وقابيل سنَّا الكفر والقتل { نجعلهما تحت أقدامنا } في النار { ليكونا من الأسفلين } أي أشد عذاباً منا .

00:00