سورة يوسف

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ

الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ [١]

تفسير الأية 1: تفسير الجلالين

{ الر } الله أعلم بمراده بذلك { تلك } هذه الآيات { آيات الكتاب } القرآن والإضافة بمعنى من { المبين } المظهر للحق من الباطل .

إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ [٢]

تفسير الأية 2: تفسير الجلالين

{ إنا أنزلناه قرآنا عربيا } بلغة العرب { لعلكم } يا أهل مكة { تعقلون } تفقهون معانيه .

نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَٰذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ [٣]

تفسير الأية 3: تفسير الجلالين

{ نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا } بإيحائنا { إليك هذا القرآن وإن } مخففة أي وإنه { كنت من قبله لمن الغافلين } .

إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ [٤]

تفسير الأية 4: تفسير الجلالين

اذكر { إذ قال يوسف لأبيه } يعقوب { يا أبت } بالكسر دلالة على ياء الإضافة المحذوفة والفتح دلالة على ألف محذوفة قلبت عن الياء { إني رأيت } في المنام { أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم } تأكيد { لي ساجدين } جمع بالياء والنون للوصف بالسجود الذي هو من صفات العقلاء .

قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَىٰ إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ [٥]

تفسير الأية 5: تفسير الجلالين

{ قال يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا } يحتالون في هلاكك حسدا لعلمهم بتأويلها من أنهم الكواكب والشمس أمك والقمر أبوك { إن الشيطان للإنسان عدو مبين } ظاهر العداوة .

وَكَذَٰلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَىٰ آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَىٰ أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [٦]

تفسير الأية 6: تفسير الجلالين

{ وكذلك } كما رأيت { يجتبيك } يختارك { ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث } تعبير الرؤيا { ويتم نعمته عليك } بالنبوة { وعلى آل يعقوب } أولاده { كما أتمها } بالنبوة { على أبويك من قبل إبراهيم وإسحاق إن ربك عليم } بخلقه { حكيم } في صنعه بهم .

لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ [٧]

تفسير الأية 7: تفسير الجلالين

{ لقد كان في } خبر { يوسف وإخوته } وهم أحد عشر { آيات } عبر { للسائلين } عن خبرهم.

إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَىٰ أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ [٨]

تفسير الأية 8: تفسير الجلالين

اذكر { إذ قالوا } أي بعض إخوة يوسف لبعضهم { ليوسف } مبتدأ { وأخوه } شقيقه بنيامين { أحب } خبر { إلى أبينا منا ونحن عصبة } جماعة { إن أبانا لفي ضلال } خطأ { مبين } بين بإيثارهما علينا .

اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ [٩]

تفسير الأية 9: تفسير الجلالين

{ اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا } أي بأرض بعيدة { يخل لكم وجه أبيكم } بأن يقبل عليكم ولا يلتفت لغيركم { وتكونوا من بعده } أي بعد قتل يوسف أو طرحه { قوما صالحين } بأن تتوبوا.

قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ لَا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ [١٠]

تفسير الأية 10: تفسير الجلالين

{ قال قائل منهم } هو يهوذا { لا تقتلوا يوسف وألقوه } اطرحوه { في غيابت الجب } مظلم البئر في قراءة بالجمع { يلتقطه بعض السيارة } المسافرين { إن كنتم فاعلين } ما أردتم من التفريق فاكتفوا بذلك .

قَالُوا يَا أَبَانَا مَا لَكَ لَا تَأْمَنَّا عَلَىٰ يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ [١١]

تفسير الأية 11: تفسير الجلالين

{ قالوا يا أبانا مالك لا تأمنا على يوسف وإنا له لناصحون } لقائمون بمصالحه .

أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [١٢]

تفسير الأية 12: تفسير الجلالين

{ أرسله معنا غدا } إلى الصحراء { نرتع ونلعب } بالنون والياء فيهما ننشط ونتسع { وإنَّا له لحافظون } .

قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ [١٣]

تفسير الأية 13: تفسير الجلالين

{ قال إني ليحزنني أن تذهبوا } أي ذهابكم { به } لفراقه { وأخاف أن يأكله الذئب } المراد به الجنس وكانت أرضهم كثيرة الذئاب { وأنتم عنه غافلون } مشغلون .

قَالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذًا لَخَاسِرُونَ [١٤]

تفسير الأية 14: تفسير الجلالين

{ قالوا لإن } لام قسم { أكله الذئب ونحن عصبة } جماعة { إنا إذا لخاسرون } عاجزون فأرسله معهم .

فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَٰذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ [١٥]

تفسير الأية 15: تفسير الجلالين

{ فلما ذهبوا به وأجمعوا } عزموا { أن يجعلوه في غيابت الجب } وجواب لما محذوف أي فعلوا ذلك بأن نزعوا قميصه بعد ضربه وإهانته وإرادة قتله وأدلوه فلما وصل إلى نصف البئر ألقوه ليموت فسقط في الماء ثم أوى إلى صخرة فنادوه فأجابهم يظن رحمتهم فأرادوا رضخه بصخرة فمنعهم يهوذا { وأوحينا إليه } في الجب وحي...

وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ [١٦]

تفسير الأية 16: تفسير الجلالين

{ وجاءُوا أباهم عِشاءً } وقت المساء { يبكون } .

قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ [١٧]

تفسير الأية 17: تفسير الجلالين

{ قالوا يا أبانا إنا ذهبا نستبقُ } نرمي { وتركنا يوسف عند متاعنا } ثيابنا { فأكله الذئب وما أنت بمؤمن } بمصدق { لنا ولو كنا صادقين } عندك لاتهمتنا في هذه القصة لمحبة يوسف فكيف وأنت تسيء الظن بنا .

وَجَاءُوا عَلَىٰ قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ [١٨]

تفسير الأية 18: تفسير الجلالين

{ وجاءُوا على قميصه } محله نصب على الظرفية أي فوقه { بدم كذب } أي ذي كذب بأن ذبحوا سخلة ولطخوه بدمها وذهلوا عن شقه وقالوا إنه دمه { قال } يعقوب لما رآه صحيحا وعلم كذبهم { بل سوَّلت } زينت { لكم أنفسكم أمرا } ففعلتموه به { فصبر جميل } لا جزع فيه، وهو خبر مبتدأ محذوف أي أمري { والله المستعان }...

وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَىٰ دَلْوَهُ قَالَ يَا بُشْرَىٰ هَٰذَا غُلَامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ [١٩]

تفسير الأية 19: تفسير الجلالين

{ وجاءت سيارة } مسافرون من مدين إلى مصر فنزلوا قريبا من جب يوسف { فأرسلوا واردهم } الذي يرد الماء ليستقي منه { فأدلى } أرسل { دلوه } في البئر فتعلق بها يوسف فأخرجه فلما رآه { قال يا بشراي } وفي قراءة بشرى ونداؤها مجاز أي احضري فهذا وقتك { هذا غلام } فعلم به إخوته فأتوه { وأسَرُّوه } أي أخفوا أمره...

وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ [٢٠]

تفسير الأية 20: تفسير الجلالين

{ وشروه } باعوه منهم { بثمن بخس } ناقص { دراهم معدودة } عشرين أو اثنين وعشرين { وكانوا } أي إخوته { فيه من الزاهدين } فجاءت به السيارة إلى مصر فباعه الذي اشتراه بعشرين دينارا وزوجي نعل وثوبين .

وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَىٰ أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ [٢١]

تفسير الأية 21: تفسير الجلالين

{ وقال الذي اشتراه من مصر } وهو قطفير العزيز { لامرأته } زليخا { أكرمي مثواه } مقامه عندنا { عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا } وكان حصورا { وكذلك } كما نجيناه من القتل والجب وعطفنا عليه قلب العزيز { مكنَّا ليوسف في الأرض } أرض مصر حتى بلغ ما بلغ { ولنعلِّمه من تأويل الأحاديث } تعبير الرؤيا عطف على...

وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ [٢٢]

تفسير الأية 22: تفسير الجلالين

{ ولما بلغ أشده } وهو ثلاثون سنة أو وثلاث { آتيناه حكما } حكمة { وعلما } فقها في الدين قبل أن يبعث نبيا { وكذلك } كما جزيناه { نجزي المحسنين } لأنفسهم .

00:00